إلزام الناصب في إثبات الحجة الغائب - الشيخ علي اليزدي الحائري - ج ١ - الصفحة ٣٤٢
فلما حصل بحيث لا يراه أحد غيري وقف والتفت إلي فقال: هات ما معك فناولته الرقعة، فقال من غير أن ينظر فيها: قل له لا خوف عليك في هذه العلة، ويكون ما لا بد منه بعد ثلاثين سنة. قال: فوقع علي الزمع حتى لم أطق حراكا وتركني وانصرف.
قال أبو القاسم: فأعلمني بهذه الجملة فلما كانت سنة سبع وستين اعتل أبو القاسم، فأخذ ينظر في أمره وتحصيل جهازه إلى قبره، وكتب وصيته واستعمل الجد في ذلك فقيل له: ما هذا الخوف ونرجو أن يتفضل الله بالسلامة فما عليك مخوفة، فقال: هذه السنة التي وعدت وخوفت منها فمات في علته (1).
(المعجزة الثالثة) في البحار عن أبي محمد عيسى بن مهدي الجوهري قال: خرجت في سنة ثمان وستين ومائتين إلى الحج، وكان قصدي المدينة حيث صح عندنا أن صاحب الزمان (عج) قد ظهر، فاعتللت وقد خرجنا من فيل (2) فتعلقت نفسي بشهوة السمك والتمر، فلما وردت المدينة ولقيت بها إخواننا وبشروني بظهوره بصابر فصرت إلى صابر فلما أشرفت على الوادي رأيت عنيزات عجافا، فدخلت القصر فوقفت أرقب الأمر إلى أن صليت العشاءين وأنا أدعو وأتضرع وأسأل، فإذا أنا ببدر الخادم يصيح بي: يا عيسى بن مهدي الجوهري أدخل، فكبرت وهللت وأكثرت من حمد الله عز وجل والثناء عليه، فلما صرت في صحن القصر رأيت مائدة منصوبة، فمر بي الخادم إليها فأجلسني عليها وقال لي:
مولاك يأمرك أن تأكل ما اشتهيت في علتك وأنت خارج من فيل. فقلت: حسبي بهذا برهانا فكيف آكل ولم أر سيدي ومولاي؟
فصاح: يا عيسى كل من طعامك فإنك تراني فجلست على المائدة فإذا عليها سمك حار يفور وتمر إلى جانبه أشبه التمور بتمرنا، وبجانب التمر لبن فقلت في نفسي عليل وسمك وتمر ولبن فصاح بي: يا عيسى أتشك في أمرنا فأنت أعلم بما ينفعك ويضرك؟ فبكيت واستغفرت الله تعالى وأكلت من الجميع، وكلما رفعت يدي منه لم يتبين موضعها فيه فوجدته أطيب ما ذقته في الدنيا فأكلت منه كثيرا حتى استحييت، فصاح بي لا تستحي يا عيسى فإنه من طعام الجنة لم تصنعه يد مخلوق، وأكلت فرأيت نفسي لا تنتهي عنه من أكله

١ - كشف الغمة: ٢ / ٥٠٢ باب ٢٥ والخرائج: ٤٧٧.
٢ - في البحار والهداية وإثبات الهداة: فيد، وهي قلعة في طريق مكة، وفيل هو باب في مسجد الكوفة.
(٣٤٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 337 338 339 340 341 342 343 344 345 346 347 ... » »»