إلا الرماد والدخان وإن أردت صحة ذلك فأمر الوزير بكسرها فإذا كسرها طار الرماد والدخان على وجهه ولحيته، فلما سمع محمد بن عيسى ذلك من الإمام فرح فرحا شديدا وقبل يدي الإمام صلوات الله عليه، وانصرف إلى أهله بالبشارة والسرور، فلما أصبحوا مضوا إلى الوالي ففعل محمد بن عيسى كلما أمره الإمام (عج) وظهر كل ما أخبره فالتفت الوالي إلى محمد بن عيسى وقال: من أخبرك بهذا؟ فقال: إمام زماننا وحجة الله علينا. فقال: ومن إمامكم؟ فأخبره بالأئمة (عليهم السلام) واحد بعد واحد إلى أن انتهى إلى صاحب الأمر صلوات الله عليهم. فقال الوالي: مد يدك فأنا أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله وأن الخليفة بعده بلا فصل أمير المؤمنين علي (عليه السلام)، ثم أقر بالأئمة إلى آخرهم (عليهم السلام) وحسن إيمانه وأمر بقتل الوزير واعتذر إلى أهل بحرين وأحسن إليهم وأكرمهم، قال من قال: وهذه القصة مشهورة عند أهل البحرين، وقبر محمد بن عيسى عندهم معروف يزوره الناس (1).
(المعجزة الثانية) في كشف الغمة عن أبي القاسم جعفر بن محمد بن قولويه قال: لما وصلت بغداد في سنة سبع وثلاثين للحج، وهي السنة التي رد القرامطة فيها الحجر إلى مكانه من البيت، كان أكبر همي بمن ينصب الحجر لأني مضى علي في أثناء الكتب قصة أخذه وأنه ينصبه في مكانه الحجة في الزمان، كما في زمن الحجاج وضعه زين العابدين في مكانه فاستقر، فاعتللت علة صعبة خفت فيها على نفسي ولم يتهيأني ما قصدت له فاستنبت المعروف بابن هشام، وأعطيته رقعة مختومة أسأل فيها عن مدة عمري وهل تكون المنية في هذه العلة أم لا، وقلت: همي إيصال هذه الرقعة إلى واضع الحجر في مكانه وأخذ جوابه وإنما أندبك لهذا، فقال المعروف بابن هشام: لما حصلت بمكة وعزم علي إعادة الحجر بذلت لسدنة البيت جملة تمكنت معها من الكون بحيث أرى واضع الحجر في مكانه، فأقمت معي منهم من يمنع عني ازدحام الناس، فكلما عمد إنسان لوضعه اضطرب ولم يستقم، فأقبل غلام أسمر اللون حسن الوجه فتناوله ووضعه في مكانه، فاستقام كأنه لم يزل عنه، وعلت لذلك الأصوات فانصرف خارجا من الباب فنهضت من مكاني اتبعه وأدفع الناس عني يمينا وشمالا حتى ظن بي الاختلاط في العقل، والناس يفرجون لي، وعيني لا تفارقه حتى انقطع عني الناس وكنت أسرع الشدة خلفه وهو يمشي على تؤدة ولا أدركه،