إلزام الناصب في إثبات الحجة الغائب - الشيخ علي اليزدي الحائري - ج ١ - الصفحة ١٥٦
عند الرأس مثل ذلك، ثم قال: ناولني هذا التراب فهو من تربتي.
ثم قال: سيحفر لي في هذا الموضع فتأمرهم أن يحفروا لي سبع مراقي إلى أسفل، وأن يشق ضريحه لي فإن أبوا أن يلحدوا فتأمرهم أن يجعلوا اللحد ذراعين وشبرا، فإن الله تعالى سيوسعه ما يشاء، فإذا فعلوا ذلك فإنك ترى عند رأسي نداوة فتكلم بالكلام الذي أعلمك، فإنه ينبع الماء حتى يمتلي اللحد وترى فيه حيتانا صغارا ففت لها الخبز الذي أعطيك فإنها تلتقطه، فإذا لم يبق منه شئ خرجت منه حوتة كبيرة فالتقطت الحيتان الصغار حتى لا يبقى منها شئ، ثم تغيب فإذا غابت فضع يدك على الماء ثم تكلم بالكلام الذي أعلمك، فإنه يغيض الماء ولا يبقى منه شئ، ولا تفعل ذلك إلا بحضرة المأمون، ثم قال: يا أبا الصلت غدا أدخل إلى هذا الفاجر فإن أنا خرجت مكشوف الرأس فتكلم بكلمك وإن خرجت وأنا مغطى الرأس فلا تكلمني.
قال أبو الصلت: فلما أصبحنا من الغد لبس ثيابه وجلس فجعل في محرابه ينتظر، فبينا هو كذلك إذ دخل عليه غلام المأمون فقال له: أجب أمير المؤمنين فلبس نعله ورداءه وقام يمشي وأنا أتبعه حتى دخل على المأمون وبين يديه طبق عليه عنب وأطباق فاكهة، وبيده عنقود عنب قد أكل بعضه وبقي بعضه، فلما أبصر الرضا وثب إليه فعانقه وقبل ما بين عينيه وأجلسه معه، ثم ناوله العنقود وقال له: يا بن رسول الله ما رأيت عنبا أحسن من هذا.
قال له الرضا (عليه السلام): ربما يكون عنبا حسنا يكون من الجنة. فقال له: كل منه. فقال له الرضا:
تعفيني منه. فقال: لا بد من ذلك وما يمنعك منه لعلك تتهمنا بشئ، فتناول العنقود فأكل منه ثم ناوله فأكل منه الرضا (عليه السلام) ثلاث حبات ثم رمى به وقام. فقال المأمون: إلى أين؟
فقال (عليه السلام): إلى حيث وجهتني، وخرج مغطى الرأس فلم أكلمه حتى دخل الدار، فأمر أن يغلق الباب فغلقت ثم نام (عليه السلام) على فراشه، ومكثت واقفا في صحن الدار مهموما محزونا، فبينا أنا كذلك إذ دخل علي شاب حسن الوجه، قطط الشعر أشبه الناس بالرضا فبادرت إليه فقلت له: من أين دخلت الدار والباب مغلق. فقال: الذي جاء بي من المدينة في هذا الوقت هو الذي أدخلني الدار والباب مغلق. فقلت له: ومن أنت؟
قال لي: أنا حجة الله عليك يا أبا الصلت أنا محمد بن علي، ثم مضى نحو أبيه (عليهما السلام) فدخل وأمرني بالدخول معه، فلما نظر إليه الرضا (عليه السلام) وثب إليه فعانقه وضمه إلى صدره وقبل ما بين
(١٥٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 151 152 153 154 155 156 157 158 159 160 161 ... » »»