الأرض من نباتها شيئا إلا أخرجته حتى يتمنى الأحياء للأموات، تعيش في ذلك سبع سنين أو تسع سنين (1).
(وفيه) عن الصحاح من قول النبي (صلى الله عليه وآله): كيف تهلك أمة أنا أولها والمهدي أوسطها والمسيح آخرها (2). ولا يتوهم أن عيسى يبقى بعد المهدي، وذلك لا يجوز، لأن المهدي إذا كان إمام آخر الزمان ومات فلا إمام بعده. مذكور في رواية أحد من الأئمة، فقد بقيت الأمة بغير إمام، وهذا ما لا يمكن أن الخلق تبقى بغير إمام، فإن قيل: إن عيسى (عليه السلام) يبقى بعده وتقتدي الأمة به، فغير ممكن أيضا لأن عيسى لا يجوز أن يكون إماما لأمة محمد (صلى الله عليه وآله)، ولو كان ذلك جايزا لانتقلت الملة المحمدية إلى ملة عيسى، فلا يمكن أن يكون ذلك.
وذلك لا يقوله عاقل ولا محصل، بل للخبر معنى صحيح يحمل عليه وهو أنه قد تقدم معنى من الأخبار في هذا الباب أن عيسى ينزل وقد صلى الإمام - وهو المهدي - بالناس العصر وقيل: الصبح، فيتأخر فيقدمه عيسى ويصلي عيسى خلفه. وما نزل عيسى على مقتضى هذه الأخبار إلا بعد نفوذ دعوة الإمام واجتماع الناس عليه، فيكون مصدقا لدعوة الإمام دعواه، وقوة له وعونا إلا أنه لا يغير شيئا مما جاء به النبي (صلى الله عليه وآله)، فيكون فائدة الخبر أن النبي أولها لأنه هو الداعي إلى الإسلام، والمهدي أوسطها وإن كان آخر الأئمة فجعله وسطا إذ ظهوره قبل نزول عيسى فيكون في نزوله آخر المصدقين بهذه الملة، والمهدي (عليه السلام) قبله صدق بهذه الملة قبل نزوله، والنبي فهو صاحب الملة لا بد أن يكون أولا، فعلى هذا يكون آخر المصدقين والمعتنين لأنه آخر الأمة.
يشهد بصحة هذا التأويل لفظ الخبر لأنه قال: كيف تهلك أمة أنا أولها والمهدي أوسطها والمسيح آخرها، والمسيح ليس من أمتنا هذه وإنما نبيها منها بلا خلاف لأنه إمام آخر الزمان، ومن ولد رسول الله، ومن ولد علي وفاطمة، والمسيح ليس من النبي (صلى الله عليه وآله) ولا من علي وفاطمة، ولا من أمة محمد (صلى الله عليه وآله)، بل هو آخر من ينزل لنصرة ملة محمد وآخر من يدعو إليها، لأن المهدي يكون قبل نزوله وقد تبعت الأمة وقد دخلت تحت أمره ونهيه، بدليل ما ورد في هذه الأخبار الصحاح أن المسيح يصلي خلفه، إما صلاة الصبح أو صلاة العصر كما