الله (صلى الله عليه وآله)، فالله بيننا وبين من ظلمنا حقنا ونزل على رقابنا وحمل الناس على أكتافنا ومنعنا سهمنا في كتاب الله من الفيئ والغنائم، ومنع أمنا فاطمة إرثها من أبيها، إنا لا نسمي أحدا ولكن أقسم بالله قسما تاليا لو أن الناس سمعوا قول الله عز وجل ورسوله لأعطتهم السماء قطرها والأرض بركتها، ولما أختلف في هذه الأمة سيفان ولأكلوها خضراء خضيرة إلى يوم القيامة، ما طمعت فيها ولكنها لما خرجت سالفا من معدنها وزحزحت عن قواعدها تنازعتها قريش بينها، وترامتها كنز أمي الكرة حتى طمعت أنت فيها يا معاوية وأصحابك من بعدك.
وقد قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): ما ولت أمة أمرها رجلا قط وفيهم من هو أعلم منه إلا لم يزل أمرهم يذهب سفالا حتى يرجعوا إلى ما تركوا، وقد تركت بنو إسرائيل أصحاب موسى هارون أخاه وخليفته ووزيره وعكفوا على العجل، وأطاعوا فيه سامريهم وهم يعلمون أنه خليفة موسى، وقد سمعت هذه الأمة رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول لأبي (عليه السلام): أنه مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي، وقد رأوا رسول الله (صلى الله عليه وآله) حين نصبه لهم بغدير خم وسمعوه ونادى له بالولاية، ثم أمرهم أن يبلغ الشاهد منهم الغائب، وقد خرج رسول الله (صلى الله عليه وآله) حذارا من قومه إلى الغار لما أجمعوا على أن يمكروا به وهو يدعوهم لما لم يجد عليهم أعوانا، ولو وجد عليهم أعوانا لجاهدهم وقد كف أبي يده وناشدهم واستغاث أصحابه فلم يغث ولم ينصر، ولو وجد عليهم أعوانا ما أجابهم وقد جعل في سعة كما جعل النبي (صلى الله عليه وآله) في سعة، وقد خذلتني الأمة وبايعتك يا بن حرب، ولو وجدت عليك أعوانا يخلصون ما بايعتك، وقد جعل الله عز وجل هارون في سعة حين استضعفه قومه وعادوه، وكذلك أنا وأبي في سعة من الله حين تركتنا الأمة وبايعت غيرنا ولم نجد عليهم أعوانا وإنما هي السنن والأمثال يتبع بعضها بعضا.
أيها الناس إنكم لو التمستم بين المشرق والمغرب رجلا جده رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأبوه وصي رسول الله (صلى الله عليه وآله) لم تجدوا غيري وغير أخي، فاتقوا الله ولا تضلوا بعد البيان وكيف بكم وأنى ذلك لكم ألا وإني قد بايعت هذا - وأشار بيده إلى معاوية - وإني أدري لعله فتنة لكم ومتاع إلى حين، أيها الناس إنه لا يعاب أحد بترك حقه وإنما يعاب أن يأخذ ما ليس له ولكل صواب نافع وكل خطأ ضار لأهله، وقد كانت القضية تفهمها سليمان فنفعت سليمان ولم تضر داود، وأما القرابة فقد نفعت المشرك وهي والله للمؤمن أنفع، قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) لعمه أبي طالب وهو في الموت: قل لا إله إلا الله أشفع لك بها يوم القيامة، ولم يكن رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول له ويعد إلا ما يكون منه على يقين، وليس ذلك لأحد من الناس كلهم غير شيخنا أعني أبا طالب، يقول الله عز وجل: * (وليست