بايعت هذا، وإني أدري لعله فتنة لكم ومتاع إلى حين. (1) الحادي والثلاثون: الشيخ في مجالسه قال: أخبرني جماعة عن أبي المفضل قال: حدثنا أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد بن عبد الرحمن الهمداني بالكوفة قال: حدثنا محمد بن الفضل بن إبراهيم بن قيس الأشعري قال: حدثنا علي بن حسان الواسطي قال: حدثنا عبد الرحمن بن كثير عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جده علي بن الحسين (عليه السلام) قال: لما أجمع الحسن بن علي (عليه السلام) على صلح معاوية خرج حتى لقيه، فلما اجتمعا قام معاوية خطيبا فصعد المنبر وأمر الحسن (عليه السلام) أن يقوم أسفل منه بدرجة، ثم تكلم وقال: أيها الناس هذا الحسن بن علي وابن فاطمة رآني للخلافة أهلا ولم ير نفسه لها وقد أتانا ليبايع طوعا ثم قال: قم يا حسن، فقام الحسن (عليه السلام) فخطب فقال: الحمد الله الحمد المستحمد بالآلاء وتتابع النعماء وصارف الشدائد والبلاء عند الفهماء وغير الفهماء المذعنين من عباده لامتناعه بجلاله وكبريائه وعلوه من لحوق الأوهام ببقائه المرتفع عنه كنه ظنانة المخلوقين من أن تحيط بمكنون غيبه رويات عقول الرائين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده في ربوبيته [ووجوده] ووحدانيته صمدا لا شريك له فردا لا ظهير له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله اصطفاه وانتجبه وارتضاه وبعثه داعيا إلى الحق وسراجا منيرا، وللعباد مما يخافون نذيرا ولما يأملون بشيرا، فنصح للأمة وصدع بالرسالة وأبان لهم درجات العمالة شهادة عليها أموت وأحشر وبها في الآجلة أقرب وأحبر، وأقول:
معاشر الخلائق فاسمعوا ولكم أفئدة وأسماع فعوا إنا أهل بيت أكرمنا الله بالإسلام واختارنا واصطفانا واجتبانا فأذهب عنا الرجس وطهرنا تطهيرا، والرجس هو الشك فلا نشك في الله الحق ودينه أبدا وطهرنا من كل أفن وغية مخلصين إلى آدم، نعمة منه لم تفترق الناس فرقتين إلا جعلنا الله في خيرهما فأدت الأمور وأفضت الدهور إلى أن بعث الله محمدا (صلى الله عليه وآله) للنبوة واختاره للرسالة وأنزل عليه كتابه، ثم أمره بالدعاء إلى الله عز وجل، فكان أبي (عليه السلام) أول من استجاب لله تعالى ولرسوله (صلى الله عليه وآله) وأول من آمن وصدق الله ورسوله، وقد قال الله في كتابه المنزل على نبيه المرسل:
* (أفمن كان على بينة من ربه ويتلوه شاهد منه) * فرسول الله الذي على بينة من ربه وأبي الذي يتلوه وهو شاهد منه، وقد قال له رسول الله (صلى الله عليه وآله) حين أمره أن يسير إلى مكة والموسم ببراءة: سر بها يا علي فإني أمرت أن لا يسير بها إلا أنا أو رجل مني وأنت هو، فعلي من رسول الله (صلى الله عليه وآله) ورسول الله منه.