فصل (بعلي تكونت الكائنات) والدليل على صحة هذه المباحث والتأويل، ما رواه عمار عن أمير المؤمنين عليه السلام في كتاب الواحدة، أنه قال: (يا عمار باسمي تكونت الكائنات والأشياء، وباسمي دعا سائر الأنبياء، وأنا اللوح، وأنا القلم، وأنا العرش، وأنا الكرسي، وأنا السماوات السبع، وأنا السماوات الحسنى، والكلمات العليا (1)، وأين كان اسم علي كان اسم محمد من غير عكس، لدخول الولاية تحت النبوة، كدخول الإنسان تحت الحيوان، فأين كان الإنسان كان الحيوان من غير عكس.. وإليه الإشارة بقوله في صدر القرآن الشريف العظيم وأول الذكر الحكيم (ا ل م)، قال: حرف من حروف الاسم الأعظم ذلك الكتاب لا ريب فيه، قال: الكتاب: علي لا شك فيه (هدى للمتقين)، قال: التقوى ما يحرز من النار، وما يحرز من النار إلا حب علي، فحب علي هو التقوى بالحقيقة، وكل تقوى غيره فهو مجاز، لأنها لا تحرز من النار.
قوله: (الذين يؤمنون بالغيب) (2)، قال: الغيب يوم الرجعة، ويوم القيامة، ويوم القائم، وهي أيام آل محمد. وإليها الإشارة بقوله: وذكرهم بأيام الله) (3)، فالرجعة لهم، ويوم القيامة لهم، ويوم القائم لهم، وحكمه إليهم، ومعول المؤمنين فيه عليهم.
وقوله الذين: يقيمون الصلاة، قال: الصلاة بالحقيقة حب علي، إن الصلاة هي الصلة بالله، ولا صلة للعبد بعفو الرب ورحمته وجواره إلا بحب علي، فمن أقام حب علي فقد أقام الصلاة، وكل صلاة غيرها من المكتوبة المشروعة إذا لم يكن معها الولاية فهي مجاز، لا بل ضلال ووبال، لأنه قد عبد الله بغير ما أمر، فهو ضال في سلوكه، عاص في طاعته، معاقب في عبادته. قوله: (ومما رزقناهم ينفقون)، قال: الإنفاق الواجب الذي تحيى فيه النفوس، وتنجو به الأرواح والأجساد من العذاب الأليم، وهو معرفة آل محمد، وكل إنفاق غير هذا فهو مجاز، وإن كان واجب الإنفاق، وما أفعل بإنفاق يقوي به النفاق؟
قوله: (والذين يؤمنون بما أنزل إليك)، يعني في حق علي، لأنهم إن لم يؤمنوا بما أنزل في حق علي فليس إيمانهم بغيره إيمانا، وإن قيل إيمان فهو مجاز لا ينفع.. وإليه