التطنجين، قال المفسرون: هي الدنيا والآخرة، أي أنا العالم بهما، وقيل: المشرق والمغرب، وأنا، المحيط بعلم ما بينهما، وقيل: الجنة والنار، وأنا القاسم لهما، وقيل: لا بل هو إشارة إلى ارتفاعه فوق كتف رفيع المقام، وليس فوق هذا المقام إلا ذات الملك العلام، فأي رفعة فوق هذا؟ وأي مقام أعلى من هذا؟ لأن الله رفع رسوله حتى جاوز عالم الأفلاك والأملاك، وعالم الملك والملكوت، وعالم الجبروت، ووصل إلى عالم اللاهوت ١٨، وأمير المؤمنين عليه السلام ارتقى على كتفي صاحب هذا المقام.
فصل ثم أمر رسوله بالتبليغ البليغ فيه، فقال: بلغ ما أنزل إليك من ربك ثم أكد ذاك بالتهديد، فقال: ﴿وإن لم تفعل فما بلغت رسالته﴾ (١) لكنك بلغت فأنت فاعل، فقد بلغ فما معناه؟ هذا رمز يدل على شرف الولاية وأنه لا قبول للأعمال، قلت: أم جلت إلا بها، والمراد أنهم إن لم يؤمنوا بعلي فلا ينفعهم إسلامهم، فكأن الرسالة لم تبلغهم، فعلم أنه من لم يؤمن بعلي لم يؤمن بمحمد، ومن لم يؤمن بمحمد لم يؤمن بالله، لأن الإقرار بالولاية يستلزم الإقرار بالنبوة، والإقرار بالنبوة يستلزم الإقرار بالتوحيد، وكذا إنكار الولاية يستلزم إنكار النبوة، وإنكار التوحيد، لتوقف الاثنين على الولاية.
فصل (علي الكتاب المبين) ثم أنزل بعد الحمد ألم، فجعل سر الأولين والآخرين بتضمنه في هذه الأحرف الثلاثة، وفي كل حرف منها الاسم الأعظم، وفيها معاني الاسم الأعظم ثم قال: ﴿ذلك الكتاب لا ريب فيه﴾ (2) يعني علي لا شك فيه، لأن القرآن هو الكتاب الصامت، والولي هو الكتاب الناطق، فأينما كان الكتاب الناطق كان الكتاب الصامت!! فالولي هو الكتاب، وعلي هو الولي، فعلي هو الكتاب المبين، والصراط المستقيم، فهو الكتاب وأم الكتاب، وفصل الخطاب وعنده علم الكتاب، وويل للمنكر والمرتاب.