مشارق أنوار اليقين - الحافظ رجب البرسي - الصفحة ١٦٥
ثم أنزل في كتابه ما فرق به بين الآل والأمة، فقال: واعلموا أنما غنمتم من شئ فإن لله خمسه وللرسول ولذي القربى (١) فرضي لهم ما رضي لنفسه فبدأ لنفسه ثم بدأ برسوله، ثم بآل رسوله فجعل لنفسه نصيبا، ثم للنبي ثم لآله ثم قربهم إليه في الطاعة فقال: أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم (٢) فبدأ بنفسه ثم برسوله المخبر عنه ثم بالهداة المهتدين ين من عترته، ثم أكد لهم الولاية فقال: ﴿إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا﴾ (٣) فجعل ولايتهم مع ولاية الرسول مقرونة بولايته، كما جعل سهمهم مع سهم الرسول مقرونا لسهمه في القسمة (الغنيمة خ ل) فسبحان من فضلهم ورفعهم واختارهم على العالمين.
فصل ثم إنه لما أنزلت آية الصدقة نزه نفسه ورسوله ونزه أهل بيته، فقال: (إنما الصدقات للفقراء) والمساكين (٤) إلى آخر الآية، فلم يجعل له سهما ولا لرسوله ولا لآل رسوله من الصدقات، لأنها من أوساخ الناس، وهم مطهرون من الأدناس، فهم الآل الذين أمر الله بطاعتهم، وذوو القربى الذين أمر الله بمودتهم وصلتهم، والموالي الذين أمر الله بطاعتهم ومعرفتهم، وأهل الذكر الذين أمر الله بمسألتهم، ورضي لهم ما رضي لنفسه، ونزههم مما نزه منه نفسه، وجعلهم آل الرسول خاصة فقال: ﴿قد أنزل الله إليكم ذكرا * رسولا﴾ (5).
فهم آل الرسول وعترته، وأهل الله وخاصته، ومعهد التنزيل ونهايته، وسدنة الوحي وخزنته، كما قال أبو الحسن الرضا عليه السلام في مشاجرته: أيحل لرسول الله صلى الله عليه وآله لو كان حيا أن يتزوج إليك؟ فقال المأمون: نعم. فقال الرضا عليه السلام: لكنه لا يحل له أن يتزوج إلي، فقال المأمون: نعم. لأنك ابنه. (6) وهذا هو الفرق ما بين الآل والأصحاب، لأن المأمون كان يزعم أن آل رسول الله أصحابه وأمته، فأبان لهم

(١٦٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 160 161 162 163 164 165 166 167 168 169 170 ... » »»