يقول العبد الفقير أبو محمد الحسن بن أبي الحسن بن محمد الديلمي، أعانه الله على طاعته، وأمده الله برأفته ورحمته، ممل هذه الخطب المتقدمة: إني وجدت كلمات بليغة في توحيد الله وتمجيده - جل وعز - فأضفت إليها ما سنح من فتوح الله تعالى في خاطري، فأحببت إثبات ذلك، وهي:
إن نفي العلل عن الله تعالى، يشهد له بحدث خلقه، وإخراجه له من العدم، إذ العلل لا تحل إلا معلولا، ولا يكون المعلول إلا محدثا، للزوم صفات الحدث فيه، والقديم سبحانه وتعالى لا تحل فيه الصفات لسبب، لأن السبب لازم للمتوقع الزيادة، والخائف النقص من غيره، الفقير إلى الموجد ذلك فيه، الذي باتحاده يجد ما يتوقع.
والقديم هو الغني الحميد، الذي لا وقت له، ولا حال من أحلها كان، ولا كانت له صفة من أحل الحال، والأحوال لا تجوز عليه، ولا يدخل تحت الصفة والدوائر، ولا عليه حجب وسواتر، ولا ساعات وشعائر، ولا حاجة به إلى الكون، إذ وجوده كفقده، لم يأنس به، ولم يستوحش لفقده، ولا فقد عليه، ومرجع كل شئ إليه، كما هو المبدئ المعيد، الفعال لما يريد، أزلي أبدي، أزلي القدرة والعلم والحكم والنظر والإحاطة، أزلي الوجود والبقاء، مستحق لها بحقائقها، وله الشأن الأعظم، والجد المتعالي، والعلو المنيع، والامتناع القاهر، والسلطان الغالب، والغلبة النافذة، والقوة الذي (1) لا يعجز، إذ لا فترة ولا مانع، و (لا ثم) (2) ليس لمراده دافع، ولا يستصعب عليه شئ أراده، ولا به إلى ما أراد تكوينه وطر، إذ هو الغني غاية كل غاية، متفضل بما فطر، من غير قضاء وطر، فطر ما فطر، وعنصر العناصر، لإظهار قدرته وملكه، وإظهار جوده وطوله وإحسانه، وفيض الكرم الباهر، والجود الفائض، وهو الجواد الفياض، وليعرفوه ولا يجهلوه، ولم يك قط مجهولا، ولا علمهم به محيط.
لا يقدر أحد قط حقيقة قدره، إذ قدره لا يقدر، ووصفه لا يقرر، وهو القدير الأقدر، المتعزز عن كون مع أزل له مقرر، المتعالي عن مدبر معه دبر، قدر الكون بتقديره، حتى أخرجه إلى التكوين بتدبيره، وليس للتقدير والتدبير فكر ولا خاطر، ولا حدوث عزم، ولا يضمر في إرادة، ولا يهم في مشيئته، ولا روية في فعل، ولا غلبة فوت، عز أن يستصعب عليه شئ أراده، أيفوته شئ طلبه!؟ قدم وأخر حسب حكمته وهو المقدم