أعلام الدين في صفات المؤمنين - الديلمي - الصفحة ١١٣
إن أولياء الله سكتوا فكان سكوتهم ذكرا، ونظروا فكان نظرهم عبرة، ونطقوا فكان نطقهم حكمة، ومشوا فكان مشيهم بين الناس بركة، لولا الآجال التي كتبت لهم، لم تقر أرواحهم في أجسادهم، خوفا من العذاب، وشوقا إلى الثواب " (1).
وعنه يرفعه قال: خطب الحسن بن علي عليهما السلام فقال: " أيها الناس، أنا أخبركم عن أخ كان لي، وكان من أعظم الناس في عيني، وكان رأس ما عظم به في عيني، صغر الدنيا في عينه، وكان خارجا عن سلطان الجهالة، فلا يمد يده إلا على ثقة، وكان لا يتشهى ولا يسخط ولا يتبرم وكان أكثر دهره صامتا، فإذا قال بذ القائلين ونقع غليل السائلين، وكان لا يدخل في مراء، ولا يشارك في دعوى، ولا يدلي بحجة حتى يأتي قاضيا، وكان لا يغفل عن إخوانه، ولا يخص نفسه بشئ دونهم، وكان ضعيفا مستضعفا، فإذا جاء الجد كان ليثا عاديا، وكان لا يلوم أحدا فيما يقع العذر في مثله حتى يرى اعتذاره، وكان يقول ما يفعل، ولا يقول ما لا يفعل، وكان إذا اعتراه أمران، نظر أيهما كان أقرب إلى الهوى فخالفه، وكان لا يشكو وجعا إلا عند من يرجو عنده البرء، وكان لا يستشير إلا عند من يرجو عنده النصيحة، وكان لا يتبرم لا يتسخط، ولا يتشكى، ولا يتشهى، ولا ينتقم، ولا يغفل عن العدو. فعليكم بهذه الخلائق الكريمة إن أطقتموها، وإن لم تطيقوها كلها، فأخذ القليل خير من ترك الكثير، ولا حول ولا قوة إلا بالله " (2).
وعن مهزم الأسدي قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: " شيعتنا من لا يعدو صوته سمعه، ولا شحناؤه بدنه، ولا يتمدح بنا معلنا ولا يجالس لنا عائبا، ولا يخاصم لنا قاليا، إن لقي مؤمنا أكرمه، وإن لقي جاهلا هجره ".
فقلت: جعلت فداك، فكيف أصنع بهؤلاء المشبهة؟
قال: " فيهم (3) التمييز، وفيهم (4) التبديل، وفيهم التمحيص، تأتي عليهم سنون تفنيهم، وطاعون يقتلهم، واختلاف يبدده، شيعتنا [من] (5) لا يهر هرير الكلاب، ولا يطمع طمع الغراب، ولا يسأل عدونا وإن مات جوعا ".

١ - الكافي ٢: ١٨٦ / ٢٥.
٢ - الكافي ٢: ١٨٦ / 26، وفيه: وعنه، عن بعض أصحابه العراقيين، رفعه قال:...
3، 4 - في الأصل: منهم، وما أثبتناه من الكافي.
5 - أثبتناه من الكافي.
(١١٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 108 109 110 111 112 113 114 115 116 117 118 ... » »»