كشف المراد في شرح تجريد الاعتقاد (قسم الإلهيات) (تحقيق السبحاني) - العلامة الحلي - الصفحة ٨٧
وجماعة من المعتزلة ذهبوا إلى أنه كسبي (1)، واستدلوا بحسن المدح والذم عليه، فلزمهم الدور لأن حسن المدح والذم مشروط بالعلم بالاستناد إلينا فلو جعلنا الاستناد إلينا مستفادا منه لزم الدور.
قال: والوجوب باختيار السبب لاحق.
أقول: هذا جواب عن إشكال يورد هنا، وهو أن يقال: إن المتولد لا يقع بقدرتنا لأن المقدور هو الذي يصح وجوده وعدمه عن القادر، وهذا المعنى منفي في المتولد لأن عند اختيار السبب يجب المسبب فلا يقع بالقدرة المصححة.
والجواب: أن الوجوب في المسبب عند اختيار السبب وجوب لاحق كما أن الفعل يجب عند وجود القدرة والداعي، وعند فرض وقوعه وجوبا لاحقا لا يؤثر في الإمكان الذاتي والقدرة فكذا هنا.
قال: والذم في إلقاء الصبي عليه لا على الإحراق.
أقول: هذا جواب عن شبهة لهم، وهي: أن المدح والذم لا يدلان على

(1) ذهبت جماعة من المعتزلة إلى أن كوننا فاعلين أمر نظري كسبي يحتاج إلى إقامة البرهان، واستدلوا بحسن المدح والذم، على المتولد، على كون الإنسان فاعلا له، وأورد عليه الشارح بالدور، لأن إحراز كوننا فاعلين متوقف على حسن المدح والذم، وحسن المدح والذم متوقف على ذلك الإحراز. وبذلك يعلم أن لفظ العلم في قوله: " مشروط بالعلم " ليس زائدا، إذ ليس الاستناد بما هو هو موقوفا على حسن المدح والذم بل إحرازه موقوف عليهما، وأما قوله: " فلو جعلنا الاستناد " فالمراد منه " العلم بالاستناد " والصدر قرينة على التصرف في الذيل لا العكس، وبذلك يعلم ورود الدور على الماتن أيضا حيث استدل بحسن المدح والذم على العلم بأنا فاعلون، وهو عبارة أخرى عن العلم بالاستناد إلينا في كلام المعتزلة.
(٨٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 82 83 84 85 86 87 88 89 90 91 92 ... » »»