كشف المراد في شرح تجريد الاعتقاد (قسم الإلهيات) (تحقيق السبحاني) - العلامة الحلي - الصفحة ١٢
يستلزم إما قدم العالم وقد فرضناه حادثا، أو حدوث المؤثر ويلزم التسلسل، فظهر أن المؤثر للعالم قادر مختار.
قال: والواسطة غير معقولة.
أقول: لما فرغ من الاستدلال على مطلوبه شرع في أنواع من الاعتراضات للخصم مع وجه المخلص منها.
وتقرير هذا السؤال أن يقال: دليلكم يدل على أن مؤثر العالم مختار وليس يدل على أن الواجب مختار بل جاز أن يكون الواجب تعالى موجبا لذاته معلولا ، يؤثر في العالم على سبيل الاختيار (1).
وتقرير الجواب: أن هذه الواسطة غير معقولة، لأنا قد بينا حدوث العالم بجملته وأجزائه، والمعني بالعالم كل موجود سوى الله تعالى، وثبوت واسطة بين ذات الله تعالى وبين ما سواه غير معقول.

(1) هذه الشبهة وما يليها من الحكماء الذين يتراءى من كلماتهم أنه سبحانه فاعل موجب (بالفتح) لا مختار.
ونجل الحكماء الإماميين عن هذه التهمة.
حاصل الشبهة: أنه من المحتمل أنه سبحانه يكون فاعلا موجبا ومع ذلك يكون العالم حادثا متأخرا عنه، وذلك بأن يخلق عن إيجاب موجودا مختارا بالذات يقوم هو بخلق العالم، فيكون العالم حادثا، لأن علته فاعل مختار، ومع ذلك يكون الواجب فاعلا موجبا بالنسبة إلى الصادر الأول.
فقوله: " موجبا " بالكسر بمعنى موجدا لذاته، معلولا يؤثر في العالم على سبيل الاختيار، فقوله:
" معلولا " مفعول لقوله " موجبا " بمعنى موجدا، وبذلك تستغني عما في بعض النسخ من إضافة قوله: " وله معلول يؤثر " بعد قوله: " موجبا لذاته "، وعلى هذه النسخ يكون موجبا (بالفتح) ولا يتم الكلام إلا بإضافة قوله: " وله... " كما لا يخفى.
(١٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 ... » »»