كشف المراد في شرح تجريد الاعتقاد (قسم الإلهيات) (تحقيق السبحاني) - العلامة الحلي - الصفحة ٦٤
ذلك.
والدليل على ما اختاره المعتزلة: أن له داعيا إلى فعل الحسن وليس له صارف عنه، وله صارفا عن فعل القبيح وليس له داع إليه، وهو قادر على كل مقدور ومع وجود القدرة والداعي يجب الفعل.
وإنما قلنا ذلك لأنه تعالى غني يستحيل عليه الحاجة وهو عالم بحسن الحسن وقبح القبيح، ومن المعلوم بالضرورة أن العالم بالقبيح الغني عنه لا يصدر عنه وأن العالم بالحسن القادر عليه إذا خلا من جهات المفسدة فإنه يوجده.
وتحريره: أن الفعل بالنظر إلى ذاته ممكن، وواجب بالنظر إلى علته، وكل ممكن مفتقر إلى قادر، فإن علته إنما تتم بواسطة القدرة والداعي، فإذا وجدا فقد تم السبب وعند تمام السبب يجب وجود الفعل.
وأيضا لو جاز منه فعل القبيح أو الإخلال بالواجب لارتفع الوثوق بوعده ووعيده، لإمكان تطرق الكذب عليه، ولجاز منه إظهار المعجزة على يد الكاذب وذلك يفضي إلى الشك في صدق الأنبياء ويمتنع الاستدلال بالمعجزة عليه.
المسألة الثالثة: في أنه تعالى قادر على القبيح قال: مع قدرته عليه لعموم النسبة ولا ينافي الامتناع اللاحق.
أقول: ذهب العلماء كافة إلى أنه تعالى قادر على القبيح، إلا النظام.
والدليل على ذلك أنا قد بينا عموم نسبة قدرته إلى الممكنات والقبيح منها فيكون مندرجا تحت قدرته.
(٦٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 59 60 61 62 63 64 65 66 67 68 69 ... » »»