كشف المراد في شرح تجريد الاعتقاد (قسم الإلهيات) (تحقيق السبحاني) - العلامة الحلي - الصفحة ٢٥٨
والثاني: اجتماع النقيضين.
والذي يخطر لنا في تفسير ذلك أمران:
أحدهما: أن يقال: البقاء إما جوهر أو عرض، والقسمان باطلان فالقول به باطل:
أما الأول فلأنه لو كان جوهرا لم يكن جعله شرطا لجوهر آخر أولى من العكس، فإما أن يكون كل واحد منهما شرطا لصاحبه وهو دور، أو لا يكون أحدهما شرطا للآخر وهو المطلوب.
وأما الثاني فلأنه لو كان عرضا قائما بذاته لزم اجتماع النقيضين، إذ العرض هو الموجود في المحل، فلو كان البقاء قائما لا في محل مع كونه عرضا لزم ما ذكرناه.
الثاني: أن يقال: البقاء (1) إما واجب لذاته أو ممكن لذاته، والقسمان باطلان:

(1) هذا هو التفسير الثاني لقول الماتن من لزوم الترجيح بلا مرجح أو اجتماع النقيضين.
أما الأول ففيما إذا كان البقاء الموجود لا في محل جوهرا، وأما الثاني ففيما إذا كان البقاء الموجود لا في محل عرضا، فإنهما متناقضان.
لا يقال: إن افتراض كون البقاء موجودا لا في محل أوجب التناقض، لماذا لا نفترض كونه موجودا في محل؟
فإنه يقال: ما ذكرته من الفرض هو نظرية الأشاعرة والكعبي، وسوف يذكرها المصنف في البحث الآتي، والكلام مركز على نظرية ابن شبيب القائل بأن البقاء موجود لا في محل.
وهناك تفسير ثان للشارح لكلا الأمرين، فالثاني أي اجتماع النقيضين مبني على كون البقاء واجبا لذاته وفي الوقت نفسه وجد بعد العدم، وهذا عين التناقض، وأما الأول أي الترجيح من غير مرجح فهو مبني على القول بكونه ممكنا، فإن كونه في وقت دون وقت ترجيح من غير مرجح، واحتمال أن المرجح أحد الأمور التالية:
1 - ذاته. 2 - فاعله. 3 - ضده. 4 - انتفاء شرطه، احتمال باطل.
أما الأول: فلو كان عدمه في وقت خاص مستندا إلى ذاته يلزم أن تقتضيه مطلقا، فيكون ممتنع الوجود، مع أنه ممكن الوجود.
أما الثاني: فلما مر من أنه لا فرق في الامتناع للفاعل بين نفي الفعل وفعل العدم، وكلاهما باطلان، وقد مر من الشارح وجود الفرق بينهما، وعلى هذا يكون الاستدلال جدليا مبنيا على مسلمات القوم.
أما الثالث: فلما تقدم في المسألة الثانية من أن اقتضاء الضد المتقدم لنفي البقاء المتأخر أولى من انعدام الضد بالبقاء المتأخر، كما أوضحه عند شرح قول الماتن " ولانتفاء الأولوية "، أو لعل المراد أنه لا ضد للجواهر.
وأما الرابع: أعني انتفاء الشرط فيقال: لو كان للبقاء شرط فللشرط وجود وبقاء غير وجوده، فينتقل السؤال إلى السبب لعدم بقاء ذلك الشرط، ولو كان عدمه لأجل انتفاء شرطه يتسلسل، على أنه لا وجه لعد شئ شرطا (صفة) والآخر مشروطا (موصوفا).
(٢٥٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 253 254 255 256 257 258 259 260 261 262 263 ... » »»