كشف المراد في شرح تجريد الاعتقاد (قسم الإلهيات) (تحقيق السبحاني) - العلامة الحلي - الصفحة ٢٩
قال: ويمكن اجتماع الوجوب والإمكان باعتبارين.
أقول: هذا جواب عن احتجاج من نفى علمه تعالى بالمتجددات قبل وجودها.
وتقرير كلامهم: أن العلم لو تعلق بالمتجدد (1) قبل تجدده لزم وجوبه، وإلا لجاز أن لا يوجد فينقلب علمه تعالى جهلا وهو محال.
والجواب: إن أردتم بوجوب ما علمه تعالى، أنه واجب الصدور عن العلم فهو باطل لأنه تعالى يعلم ذاته ويعلم المعدومات، وإن أردتم وجوب المطابقة لعلمه فهو صحيح لكن ذلك وجوب لاحق لا سابق فلا ينافي الإمكان الذاتي.
وإلى هذا أشار بقوله: ويمكن اجتماع الوجوب والإمكان باعتبارين.

(1) توضيح التقرير: أنه تعالى لا يعلم الحوادث قبل وقوعها، وإلا يلزم أن يكون تلك الحوادث ممكنة وواجبة معا، والتالي باطل للتنافي بين الوجوب والإمكان، بيان اللزوم أنها ممكنة لكونها حادثة، وواجبة أيضا وإلا أمكن أن لا يوجد فينقلب علمه جهلا وهو محال.
والجواب: أن العلم تابع للمعلوم، فلا يكون تعلق علمه به دليلا على وجوبه، ولو سلم فنقول: إنها ممكنة لذواتها، وواجبة بغيرها وهو تعلق علم البارئ تعالى بوجودها ولا تنافي بين الإمكان بالذات، والوجوب بالغير (1).
- 1 - لاحظ شرح علاء الدين للقوشجي: 414 ط تبريز عام 1307.
وقول الشارح: " إن أردتم بوجوب علمه تعالى أنه واجب الصدور عن العلم... " معناه: إن أردتم أن علمه علة تامة لصدور هذه الجزئيات الزمانية فهو باطل وإلا لزم أن تكون ذاته علة لذاته و المعدومات، لكون المفروض أنه يعلمهما. وإن أردتم وجوب كون الخارج مطابقا فهو صحيح لكنه لا ينافي الإمكان، لأن هذا الوجوب وجوب متأخر لا سابق.
يلاحظ على الشق الأول في الجواب أنه ليس المراد من كون العلم علة تامة، كونه علة تامة مطلقا لكل معلوم حتى يعم ذاته والمعدومات، بل علمه علة تامة في كل فعل يعد فعلا له سبحانه ومتعلقا للداعي (حسب مصطلح المتكلمين) أو وقع في إطار إرادته، فعندئذ لا يصح النقض بالعلم بالذات والمعدومات.
(٢٩)
مفاتيح البحث: الجهل (2)، الوجوب (4)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 ... » »»