كشف المراد في شرح تجريد الاعتقاد (قسم الإلهيات) (تحقيق السبحاني) - العلامة الحلي - الصفحة ٢٢٥
ولأنه عليه السلام كان في منزل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم شديد الاختصاص به عظيم الامتثال لأوامره لم يخالفه قط، وأبو بكر كان بعيدا عنه مجانبا له، فيبعد عرض الإسلام عليه قبل عرضه على علي عليه السلام وبالخصوص وقد نزل قوله تعالى: * (وأنذر عشيرتك الأقربين) * (1).
لا يقال: إن إسلامه عليه السلام كان قبل البلوغ فلا اعتبار به.
لأنا نقول: المقدمتان ممنوعتان:
أما الأولى: فلأن سن علي عليه السلام كان ستا وستين سنة أو خمسا وستين، والنبي صلى الله عليه وآله وسلم بقي بعد الوحي ثلاثا وعشرين سنة، وعلي عليه السلام بقي بعد النبي نحوا من ثلاثين سنة، فيكون سن علي عليه السلام وقت نزول الوحي فيما بين اثنتي عشرة سنة وبين ثلاث عشرة سنة، والبلوغ في هذا الوقت ممكن، فيكون واقعا لقوله صلى الله عليه وآله وسلم:
" زوجتك أقدمهم سلما وأكثرهم علما ".
وأما الثانية: فلأن الصبي قد يكون رشيدا كامل العقل قبل سن البلوغ فيكون مكلفا، ولهذا حكم أبو حنيفة بصحة إسلام الصبي، وإذا كان كذلك دل على كمال الصبي.
أما أولا: فلأن الطباع في الصبيان مجبولة على حب الأبوين والميل إليهما، فإعراض الصبي عنهما والتوجه إلى الله تعالى يدل على قوة كماله.
وأما ثانيا: فلأن طبائع الصبيان منافية للنظر في الأمور العقلية والتكاليف الإلهية، وملائمة للعب واللهو، فإعراض الصبي عما يلائم طباعه إلى ما ينافره يدل على عظم منزلته في الكمال، فثبت بذلك أن عليا عليه السلام كان أقدمهم إيمانا فيكون أفضل لقوله تعالى: * (والسابقون السابقون * أولئك المقربون) * (2).

(٢٢٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 220 221 222 223 224 225 226 227 228 229 230 ... » »»