كشف المراد في شرح تجريد الاعتقاد (قسم الإلهيات) (تحقيق السبحاني) - العلامة الحلي - الصفحة ٢٢١
طاويا هو وإياهم ثلاثة أيام حتى أنزل الله تعالى في حقهم: * (ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا) * (1)، وتصدق مرة أخرى بجميع ما يملكه، وقد كان حينئذ يملك أربعة دراهم لا غير فتصدق بدرهم ليلا وبدرهم نهارا وبدرهم سرا وبدرهم علانية، فأنزل الله تعالى في حقه: * (الذين ينفقون أموالهم بالليل والنهار سرا وعلانية) * (2)، وكان يعمل بالأجرة ويتصدق بها، ويشد على بطنه الحجر من شدة الجوع، وشهد له بذلك أعداؤه فضلا عن أوليائه، قال معاوية: لو ملك علي بيتا من تبر وبيتا من تبن لأنفد تبره قبل تبنه (3) ولم يخلف شيئا أصلا، وقال: " يا بيضاء ويا صفراء غري غيري "، وكان يكنس بيوت الأموال ويصلي فيها مع أن الدنيا كانت بيده (4).
قال: وكان أزهد الناس بعد النبي صلى الله عليه وآله وسلم (5).
أقول: هذا هو الوجه الخامس، وتقريره: أن عليا عليه السلام كان أزهد الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فيكون أفضل من غيره:
بيان المقدمة الأولى: ما نقل بالتواتر عنه أنه عليه السلام كان سيد الأبدال، وإليه تشد الرحال في معرفة الزهد والتسليك فيه وترتيب أحوال الرياضات

(١) الإنسان: ٨.
(٢) البقرة: ٢٧٤، راجع شواهد التنزيل للحاكم الحسكاني: ١ / ١٤٠ ط إيران، مجمع إحياء الثقافة الإسلامية، البحار: ٤١ / ١٤٤، شرح النهج لابن أبي الحديد: ١ / ٢١ - ٢٢، الرياض النضرة: ٢ / ٢٠٧.
(٣) البحار: ٤١ / ١٤٤، شرح النهج لابن أبي الحديد: ١ / ٢٢.
(٤) الرياض النضرة لمحب الدين الطبري: ٢ / ٢١٠ - ٢١١، البحار: ٤١ / ١٤٤، وذخائر العقبى:
١٠١
.
(٥) شرح النهج لابن أبي الحديد: ١ / ٢٦، ذخائر العقبى للطبري: 100، الرياض النضرة: 2 / 210 - 217.
(٢٢١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 216 217 218 219 220 221 222 223 224 225 226 ... » »»