طاويا هو وإياهم ثلاثة أيام حتى أنزل الله تعالى في حقهم: * (ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا) * (1)، وتصدق مرة أخرى بجميع ما يملكه، وقد كان حينئذ يملك أربعة دراهم لا غير فتصدق بدرهم ليلا وبدرهم نهارا وبدرهم سرا وبدرهم علانية، فأنزل الله تعالى في حقه: * (الذين ينفقون أموالهم بالليل والنهار سرا وعلانية) * (2)، وكان يعمل بالأجرة ويتصدق بها، ويشد على بطنه الحجر من شدة الجوع، وشهد له بذلك أعداؤه فضلا عن أوليائه، قال معاوية: لو ملك علي بيتا من تبر وبيتا من تبن لأنفد تبره قبل تبنه (3) ولم يخلف شيئا أصلا، وقال: " يا بيضاء ويا صفراء غري غيري "، وكان يكنس بيوت الأموال ويصلي فيها مع أن الدنيا كانت بيده (4).
قال: وكان أزهد الناس بعد النبي صلى الله عليه وآله وسلم (5).
أقول: هذا هو الوجه الخامس، وتقريره: أن عليا عليه السلام كان أزهد الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فيكون أفضل من غيره:
بيان المقدمة الأولى: ما نقل بالتواتر عنه أنه عليه السلام كان سيد الأبدال، وإليه تشد الرحال في معرفة الزهد والتسليك فيه وترتيب أحوال الرياضات