كشف المراد في شرح تجريد الاعتقاد (تحقيق الزنجاني) - العلامة الحلي - الصفحة ٨٦
متأخر عن تلك الأمور فيتأخر عن كل واحد منها فكل واحد منها موصوف بالتقديم في طرف الوجود ثم إذا عدم أحدها لم تلتئم تلك الأمور فلا تحصل الماهية فيكون عدم أي جزء كان من تلك الأمور علة لعدم المركب والعلة متقدمة على المعلول فكل واحد من تلك الأمور موصوف بالتقدم في طرف العدم أيضا فقد ظهر أن جزء الحقيقة متقدم عليها في الوجود والعدم ثم إن الذهن مطابق للخارج فيجب أن يحكم بالتقدم في الوجود الذهني والعدم الذهني فقد تحقق أن المركب إنما يتركب عما يتقدمه وجودا وعدما بالقياس إلى الذهن والخارج إذا عرفت هذا فنقول هذا التقدم الذي هو من خواص الجزء يستلزم استغناء الجزء عن السبب الجديد ولسنا نقول أنه يكون مستغنيا عن مطلق السبب فإن فاعل الجزء هو فاعل الكل وذلك لأن المتقدم لا يعقل احتياجه إلى علة متأخرة عن المتأخر عنه بل ولا خارجة عن علة المركب فإن علة كل جزء داخلة في علة الكل فإذا اعتبر هذا التقدم بالنسبة إلى الذهن فهو البين وإذا اعتبر بالنسبة إلى الخارج فهو الغني عن السبب (1) وهذه الخاصة أعني التقدم أخص من الخاصة الثانية أعني الاستغناء عن السبب الجديد لأن الأولى هي الحصول الموصوف بالتقدم والثانية هي الحصول المطلق ولهذا قيل لا يلزم من كون الوصف بين الثبوت للشئ وكونه غنيا عن السبب الجديد كونه جزءا فقد حصل لكل ذاتي على الاطلاق خواص ثلاث (الأولى) وجوب تقدمه في الوجودين والعدمين وهذه متعاكسة (2) عليه (الثانية) استغناؤه (3) عن السبب

(1) وهذه الخاصة أعم من الخاصة الأولى (خ ل).
(2) ومعنى التعاكس أن كل جزء متقدم على الكل وكل ما هو متقدم على الكل جزء له.
(3) ومعناه أنه كلما تحقق تقدم الجزء تحقق استغنائه عن السبب الجديد وليس كلما تحقق الاستغناء عن السبب الجديد تحقق التقدم لأن لوازم الماهية مستغنية عن السبب الجديد وليست متقدمة على الماهية.
(٨٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 81 82 83 84 85 86 87 88 89 90 91 ... » »»