كشف المراد في شرح تجريد الاعتقاد (تحقيق الزنجاني) - العلامة الحلي - الصفحة ٦٠
المسألة السابعة والثلاثون: في تصور العدم قال: وللعقل أن يعتبر النقيضين ويحكم بينهما بالتناقض ولا استحالة فيه (1).
أقول: للعقل أن يحكم بالمناقضة بين السلب والإيجاب فلا بد أن يعتبر هما معا لأن التناقض من قبيل النسب والإضافات لا يمكن تصوره إلا بعد تصور معروضه فيكون متصورا للسلب والإيجاب معا ولا استحالة في اجتماعهما في الذهن دفعة لأن التناقض ليس بالقياس إلى الذهن بل بالقياس إلى ما في نفس الأمر فيتصور صورة ما ويحكم عليها بأنه ليس لها في الخارج ما يطابقها ثم يتصور صورة أخرى فيحكم عليها بأن لها في الخارج ما يطابقها ثم يحكم على أحديهما بمقابلة الأخرى لا من حيث إنهما حاضرتان في العقل بل من حيث إن أحديهما استندت إلى الخارج بدون الأخرى وقد يتصور الذهن صورة ما ويتصور سلبها لأنه متميز على ما تقدم ويحكم على الصورتين بالتناقض لا باعتبار حضور هما في الذهن بل بالاعتبار الذي ذكرناه.
قال: وأن يتصور عدم جميع الأشياء حتى عدم نفسه وعدم العدم بأن يمثل في الذهن ويرفعه وهو ثابت باعتبار وقسيم باعتبار ولا يصح الحكم عليه من حيث هو ليس بثابت ولا تناقض (2).

(1) فيتصور وجود زيد وعدمه ويحكم بالتناقض بينهما في الخارج لا من الذهن إذ لو كان بينهما تناقض في الذهن لم يجتمعا فيه.
(2) وتوضيح ذلك بأن يتمثل في الذهن نفس العدم ويرفعه وهذا ضروري لكل من لاحظ نعم فرق بين العدم وغيره ففي غيره يتصور الذهن صورة وفي العدم يتصور الذهن اللفظ إذ لا صورة للعدم وهو المعدوم المطلق الذي تصوره الذهن أولا ثم أضاف إليه العدم ثابت أي باعتبار أنه موجود في الذهن إذ كل متصور ثابت وقسيم للثابت باعتبار آخر وهو اعتبار كونه معدوما.
(٦٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 55 56 57 58 59 60 61 62 63 64 65 ... » »»