كشف المراد في شرح تجريد الاعتقاد (تحقيق الزنجاني) - العلامة الحلي - الصفحة ٤١٢
قال: وكان أزهد الناس بعد النبي.
أقول: هذا هو الوجه الخامس وتقريره أن عليا (ع) كان أزهد الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وآله فيكون أفضل من غيره بيان المقدمة الأولى ما نقل بالتواتر عنه أنه (ع) كان سيد الأبدال وإليه يستند الرجال في معرفة الزهد والتسليك فيه وترتيب أحوال الرياضات وذكر مقامات العارفين وكان أخشن الناس مأكلا وملبسا ولم يشبع من طعام قط قال عبيد الله بن أبي رافع دخلت يوما عليه فقدم جرابا مختوما فوجدنا فيه خبز شعير يابسا مرضوضا فأكل منه فقلت يا أمير المؤمنين كيف تختمه فقال خفت من هذين الولدين يلتانه بزيت أو سمن وهذا شئ اختص به علي (ع) ولم يشاركه فيه غيره ولم ينل أحد بعض درجته وكان نعلاه من ليف ويرقع قميصه بجلد تارة وبليف أخرى وقل أن يأتدم قان فعل فبالملح أو الخل فإن ترقى فبنبات الأرض فإن ترقى فبلبن وكان لا يأكل اللحم إلا قليلا ويقول لا تجعلوا بطونكم مقابر الحيوانات وطلق الدنيا ثلاثا والمقدمة الثانية ظاهرة.
قال: وأعبدهم.
أقول: هذا وجه سادس وهو أن عليا عليه السلام كان أعبد الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وآله، ومنه تعلم الناس صلاة الليل واستفادوا منه ترتيب النوافل والدعوات وكانت جبهته كركبة البعير لطول سجوده وكان يحافظ على النافلة حتى أنه بسط له بين الصفين نطع ليلة الهرير فصلى عليه النافلة والسهام تقع بين يديه والنصول إلى جوانبه وكانوا يستخرجون النصول من جسده في وقت الصلاة لالتفاته بالكلية إلى الله تعالى حتى لا يبقى له التفات إلى غيره.
قال: وأحلمهم.
أقول: هذا وجه سابع وهو أن عليا عليه السلام كان أحلم الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وآله ولم يقابل أحدا بإسائة. فعفى عن مروان بن الحكم يوم الجمل وكان
(٤١٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 407 408 409 410 411 412 413 414 415 416 417 ... » »»