كشف المراد في شرح تجريد الاعتقاد (تحقيق الزنجاني) - العلامة الحلي - الصفحة ٤١١
لو سندت لي الوسادة لحكمت بين أهل التورية بتوراتهم وبين أهل الزبور بزبورهم وبين أهل الإنجيل بإنجيلهم وبين أهل الفرقان بفرقانهم وذلك يدل على كمال معرفته بجميع هذه الشرائع (وبالجملة) فلم ينقل عن أحد من الصحابة ولا عن غيرهم ما ينقل عنه في أصول العلم.
قال: ولقوله تعالى وأنفسنا.
أقول: هذا هو الوجه الثالث الدال على أنه (ع) أفضل من غيره وهو قوله تعالى (قل تعالوا ندع أبنائنا وأبنائكم ونسائنا ونسائكم وأنفسنا وأنفسكم) واتفق المفسرون كافة أن الأبناء إشارة إلى الحسن والحسين عليهما السلام والنساء إشارة إلى فاطمة عليها السلام والأنفس إشارة إلى علي (ع) ولا يمكن أن يقال إن نفسهما واحدة فلم يبق المراد من ذلك إلا المساوي ولا شك في أن رسول الله صلى الله عليه وآله أفضل الناس فمساويه كذلك أيضا.
قال: ولكثرة سخائه على غيره.
أقول: هذا وجه رابع يدل على أن عليا (ع) أفضل من غيره وهو أنه كان أسخى الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وآله حتى أنه جاد بقوته وقوت عياله وبات طاويا هو وإياهم ثلاثة أيام حتى أنزل الله تعالى في حقهم (ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا) وتصدق مرة أخرى بجميع ما يملكه وقد كان حينئذ يملك أربعة دراهم لا غير فتصدق بدرهم ليلا وبدرهم نهارا وبدرهم سرا وبدرهم علانية فأنزل الله تعالى في حقه (الذين ينفقون أموالهم بالليل والنهار سرا وعلانية) وكان يعمل بالأجرة ويتصدق بها ويشد على بطنه الحجر من شدة الجوع وشهد له بذلك أعداؤه فضلا عن أوليائه، قال معاوية لو ملك علي (ع) بيتا من تبر وبيتا من تبن لأنفد تبره قبل تبنه ولم يخلف شيئا أصلا وقال يا صفراء ويا بيضاء غري غيري وكان يكنس بيوت الأموال ويصلي فيها مع أن الدنيا كانت بيده.
(٤١١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 406 407 408 409 410 411 412 413 414 415 416 ... » »»