كشف المراد في شرح تجريد الاعتقاد (تحقيق الزنجاني) - العلامة الحلي - الصفحة ٣٠٨
قال: وانتفاء الفعل ليس فعل الضد (1).
أقول: هذا جواب عن سؤال آخر وتقريره أن القادر لا يتعلق فعله بالعدم فلا يتعلق فعله بالوجود أما بيان المقدمة الأولى فلأن الفعل يستدعي الوجود والامتياز وهما ممتنعان في المعدوم وأما الثانية فلأنكم قلتم القادر هو الذي يمكنه الفعل والترك وإذا انتفى إمكان الترك انتفى إمكان الفعل وتقرير الجواب (2) أن القادر هو الذي يمكنه أن يفعل وأن لا يفعل وليس لا يفعل عبارة عن فعل الضد.
قال: وعمومية العلة تستلزم عمومية الصفة.
أقول: يريد بيان أن الله تعالى قادر على كل مقدور وهو مذهب الأشاعرة وخالف أكثر الناس في ذلك فإن الفلاسفة قالوا إنه تعالى قادر على شئ واحد لأن الواحد لا يتعدد أثره وقد تقدم بطلان مقالتهم والمجوس ذهبوا إلى أن الخير من أن الله تعالى والشر من الشيطان لأن الله خير محض وفاعل الشر شرير والثنوية ذهبوا إلى أن الخير من النور والشر من الظلمة والنظام إلى أن الله تعالى لا يقدر على القبيح لأنه يدل على الجهل أو الحاجة وذهب البلخي إلى أن الله لا يقدر على مثل مقدور العبد لأنه أما طاعة أو سفه وذهب الجبائيان إلى أنه تعالى لا يقدر على عين مقدور العبد وإلا لزم اجتماع الوجود والعدم على تقدير أن يريد الله إحداثه والعبد عدمه وهذه المقالات كلها باطلة لأن المقتضي لتعلق القدرة بالمقدور إنما هو الإمكان إذ مع الوجوب والامتناع لا تعلق والإمكان سار في الجميع فيثبت الحكم وهو صحة التعلق وإلى هذا أشار المصنف (ره) بقوله

(1) الأحسن في الجواب أن نقول إن القادر هو الذي يمكنه أن يفعل وأن لا يفعل وليس لا يفعل عبارة عن فعل العدم حتى يقال العدم نفي بذاته فلا تتعلق به القدرة والفعل والحاصل أن انتفاء الفعل ليس فعل الضد.
(2) يعني أن القادر هو الذي يصح منه أن يفعل وأن لا يفعل وعدم الفعل ليس فعلا للعدم.
(٣٠٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 303 304 305 306 307 308 309 310 311 312 313 ... » »»