وعلى هذا التقدير يجوز تأخر المعلوم الذي هو الأصل عن تابعه فإن العقل يجوز تقدم الحكاية على المحكى.
قال: فزال الدور (1).
أقول: الذي يفهم من هذا الكلام أمران (أحدهما) أن يقال قد قسمتم العلم إلى أقسام من جملتها الفعلي الذي هو العلة في وجود المعلوم وهيهنا جعلتم جنس العلم تابعا فلزمكم الدور إذ تبعية الجنس تستلزم تبعية أنواعه وتقرير الجواب عن هذا أن نقول نعني بتبعية العلم ما قررناه من كون العلم والمعلوم متطابقين على وجه إذا تصورهما العقل حكم بأن الأصل في هيئة التطابق هو ما عليه المعلوم (2) وأن ما عليه العلم فرع عليه ووجه الخلاص من الدور بهذا التحقيق أن العلم الفعلي محصل للمعلوم في الخارج لا مطلقا (الثاني) أن يقال المتبوع يجب أن يتقدم التابع بأحد أنواع التقدم الخمسة وهيهنا لا تقدم بالشرف ولا بالوضع لأنهما غير معقولين فيبقى أن يكون التقدم هنا بالذات أو بالعلية أو بالزمان وعلى هذه التقادير الثلاثة يمتنع الحكم بتأخر المتبوع عن التابع في الزمان ولا شك أن علم الله تعالى أزلي والعلوم السابقة على الصور الموجودة في الخارج متقدمة بالزمان والمتأخر عن غيره بالزمان يمتنع أن يكون متقدما عليه بنوع ما من