أما بيان اللزوم فظاهر، وأما بطلان اللازم فلأن العبث قبيح والقبيح لا يتعاطاه الحكيم، وأما قولهم: لو كان فاعلا لغرض لكان مستكملا بذلك، فإنما يلزم الاستكمال أن لو كان الغرض عائدا إليه لكنه ليس كذلك، بل هو عائد إما إلى منفعة العبد أو لاقتضاء نظام الوجود وذلك لا يلزم منه الاستكمال.
قال: (وليس الغرض الاضرار لقبحه بل النفع).
أقول: لما ثبت أن فعله تعالى معلل بالغرض، وأن الغرض عائد إلى غيره، فليس الغرض حينئذ إضرار ذلك الغير، لأن ذلك قبيح عند العقلاء كمن قدم إلى غيره طعاما مسموما يريد به قتله، فإذا لم يكن الغرض الإضرار تعين أن يكون النفع وهو المطلوب.
قال: (فلا بد من التكليف (1) وهو بعث من يجب طاعته على ما فيه مشقة على جهة الابتداء بشرط الإعلام).
أقول: لما ثبت أن الغرض من فعله تعالى نفع العبد، ولا نفع حقيقي إلا الثواب لأن ما عداه إما دفع ضرر أو جلب نفع غير مستمر، فلا يحسن أن يكون ذلك غرضا لخلق العبد ثم الثواب يقبح الابتداء به كما يأتي.
فاقتضت الحكمة توسط التكليف، والتكليف لغة مأخوذ من الكلفة وهي المشقة واصطلاحا ما ذكره المصنف، فالبعث على الشئ هو الحمل عليه، ومن تجب طاعته هو الله تعالى، فلذلك قال على جهة الابتداء لأن وجوب طاعة غير الله كالنبي (صلى الله عليه وآله) والإمام علي (عليه السلام) والوالد