لأن جميع آحاد تلك السلسة الجامعة لجميع الممكنات تكون ممكنة بالضرورة فتشترك في امتناع الوجود لذاتها فلا بد لها من موجد خارج عنها بالضرورة فيكون واجبا بالضرورة، وهو المطلوب).
أقول: للعلماء كافة في إثبات الصانع طريقان:
الأول: هو الاستدلال بآثاره المحوجة إلى السبب على وجوده، كما أشار إليه في الكتاب العزيز بقوله تعالى: ﴿سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حث يتبين لهم أنه الحق﴾ (١)، وهو طريق إبراهيم الخليل (عليه السلام) فإنه استدل بالأفول الذي هو الغيبة المستلزمة للحركة المستلزمة للحدوث المستلزمة للصانع تعالى.
الثاني: هو أن ينظر في الوجود نفسه، ويقسم إلى الواجب والممكن حتى يشهد القسمة بوجود واجب صدر عنه جميع ما عداه من الممكنات وإليه الإشارة في التنزيل بقوله تعالى: ﴿أولم يكف بربك أنه على كل شئ شهيد﴾ (2).
والمصنف ذكر في هذا الباب الطريقين معا، فأشار إلى الأولى عند إثبات كونه قادرا وسيأتي (3).