كان (1) هو لا محالة يقوم بأمر الأمة، وهذا لا يكون استخلافا على التحقيق.
قلنا: حقيقة الاستخلاف هي قيام شخص مقام الآخر في تنفيذ مراسمه على سبيل النيابة عنه، وها هنا كذلك، لأن هارون لو عاش بعد موسى (عليهما السلام) لكان متصرفا في إقامة حدود شريعته، منفذا لسنته التي خلفها في قومه، فقيامه بأمر الأمة حينئذ ليس لكونه نبيا فقط.
قوله: لو سلمنا أن موسى (عليه السلام) استخلف هارون في قومه لكن في كل الأزمنة أو بعضها؟ الأول ممنوع، لأنه أمر وهو لا يفيد التكرار، والثاني مسلم، إلى آخره.
قلنا: مرادنا إثبات أهلية هارون للقيام مقام موسى بعده واستحقاقه له، ولا شك أن تلك الأهلية ثابتة، بدليل الاستخلاف، والعلم حاصل ببقائها على تقدير بقائه بعده، لمكان العصمة.
قوله: يجب على الناس طاعته فيما يؤديه عن الله تعالى؟ أو فيما يؤديه عن موسى؟ أو في نصرته في إقامة الحدود؟
قلنا: بل في الكل، أما ثبوته في حق علي (عليه السلام) فإنما كان من جهة كونه مؤديا عن الرسول (صلى الله عليه وآله) ومتصرفا في إقامة الحدود، لاستحالة كونه نبيا.
قوله: الثاني والثالث ممنوعان، لأن من الجائز أن يكون النبي (صلى الله عليه وآله) هو المؤدي عن الله تعالى، ويكون المتولي لتنفيذ الأحكام غيره.
قلنا: الجواز ظاهر، لكن لا يلزم من عدم توليته لإقامة الحدود بنفسه خروجه عن كونه متصرفا، فإن التصرف في إقامة الحدود مثلا يصدق أن يأمر غلامه بذلك، فيصدق حينئذ أن هارون لو عاش بعد موسى لوجبت طاعته