التعليقة على الفوائد الرضوية - القاضي سعيد القمي - الصفحة ٣٨
الحمد لله الواحد (1) المتوحد، والفرد المتفرد، الذي توحد بالتوحيد في الفاتر في شرح الحديث الشريف، معترفا بالتقصير والقصور، ومتوكلا على رب الأنام في المبدأ والختام، فنقول مستعينا بالرب المعين، ومتمسكا بولاية أوليائه المعصومين:
قوله: الواحد المتوحد.
أما كونه جل برهانه واحدا فظاهر، وأما كونه متوحدا فلظهوره في ملابس الكثرات، وتجليه في مرائي التعينات، فهو تعالى مع ظهوره في الكثرات لا يخرج عن الوحدة الحقة الحقيقية، فمن حيث كونه واحدا متوحد، ومن وجه كونه متوحدا واحد، والكثرات غير موجودة حقيقة، والتعينات في الغيب أزلا وأبدا، وسيأتي بعض التحقيق إن شاء الله في المواضع اللائقة به.
قوله قدس سره: توحد بالتوحيد.
كونه تعالى مجده متوحدا بالتوحيد ومتفردا بالتفريد، فلأن الإمكان من شأنه الكثرة، والممكن من ذاته الغيرية، والوحدة عارضة لها من الصقع الربوبي، فالممكنات بحالها الذاتية متكثر، وبحالها الوجودية واحد، إلا أن الوحدة من عالم الوجود، فكل الوحدات من حضرته، فهو متفرد بالتفريد ومتوحد بالتوحيد، ومما ذكرنا ظهر قوله " انبجست منه الكثرات بجملتها لوحدته " الذي هو مأخوذ من كلام المعلم الأول في اثولوجيا (2) فإن الوحدة مرجعها الوجوب والغنى والقيومية، والكثرة مرجعها الإمكان والفقر والتقوم، فكل الكثرات تبدأ من حضرة الوحدة وترجع إليه * (كما بدأكم تعودون) * (3) فالوحدة علة انبجاس الكثرات، والفردية مصدر التعينات، كما إنهما علة الرجوع.

١ - في نسخة " م ": العالم بدل: الواحد.
٢ - اثولوجيا إفلوطين: ١٣٤.
٣ - الأعراف: ٢٩.
(٣٨)
مفاتيح البحث: الأكل (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 31 32 33 34 37 38 39 40 41 43 45 ... » »»
الفهرست