الشافي في الامامة - الشريف المرتضى - ج ٢ - الصفحة ٢٩٣
للإمامة، والتصرف في الأمة بالأمر والنهي بعد وفاته، ومتى أحسنا الظن بمن قال في أمير المؤمنين عليه السلام: إنه إمام صامت في حال حياة الرسول صلى الله عليه وآله حملنا قوله من طريق المعنى على هذا الوجه وإن كان غالطا في إطلاقه لفظ الإمامة، لأنه لما رأى أن الخبر يقتضي لأمير المؤمنين عليه السلام استحقاق الأمر والاختصاص به في الحال من غير تصرف فيه ذهب إلى أنه الإمام، وجعل صموته عن الدعاء والقيام بالإمامة من حيث رأى أن التصرف لا يجب له في الحال، وأنه متأخر عنها صمتا وإنما غلط في الوصف بالإمامة من حيث كان الوصف بها يقتضي ثبوت التصرف في الحال، فمن لم يكن له التصرف في حال من الأحوال لا يكون إماما فيها، وقد أجاب قوم من أصحابنا بأن قالوا: إن الخبر يوجب لأمير المؤمنين عليه السلام فرض الطاعة في الحال على جميع الأمة حتى يكون له عليه السلام أن يتصرف فيهم بالأمر والنهي، ومنهم من خصص وجوب فرض طاعته، فقال: إن الكلام أوجب طاعته على سبيل الاستخلاف فليس له أن يتصرف بالأمر والنهي والرسول حاضر، وإنما له أن يتصرف في حال غيبته أو حال وفاته، وامتنع الكل من إجراء اسم الإمامة عليه وإن كان مفترض الطاعة على الوجه الذي ذكرناه، وقالوا: إنما يجري اسم الإمامة على من اختص بفرض الطاعة مع أنه لا يد فوق يده، فأما من كان مطاعا وعلى يده يد فإنه لا يكون إماما ولا يستحق هذه التسمية كما لا يستحقها جميع أمراء النبي صلى الله عليه وآله وخلفائه في الأمصار وإن كانوا مطاعين، ويقولون: إن التسمية بالإمامة وإن امتنع منها في الحال فواجب إجراؤها بعد الوفاة لزوال العلة المانعة من إجرائها والوجه الأول أقوى الثلاثة وهو الذي نختاره.
فإن قيل: كيف يصح أن يكون ما اقتضاه الخبر غير ثابت في الحال
(٢٩٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 288 289 290 291 292 293 294 295 296 297 298 ... » »»