إذ ما سل سيف في الاسلام على قاعدة دينية في كل زمان مثل ما سل على الإمامة في كل زمان " (1) فلا غرابة إذن إذا كثر حولها الكلام، وتصاولت فيها الأقلام، وأفرد فيها عشرات بل مئات الكتب.
وقد كان القاضي عبد الجبار بن أحمد بن عبد الجبار الهمداني: ممن جرى في هذا المضمار، وخاض الغمرات في هذا الموضوع فأملى كتابه " المغني في التوحيد والعدل " في عشرين جزء، وجعل الجزء العشرين منه خاصا في الإمامة.
وكان القاضي في أول أمره أشعري الأصول شافعي الفروع، ثم تأثر بمن حضر عندهم من علماء المعتزلة فتحول إلى الاعتزال، ومن جملة من أخذ عنهم إسحق بن عياش المعتزلي المتوفي سنة 336 وكان ابن عياش هذا من معتزلة البصرة من تلاميذ أبي هاشم الجبائي المتوفى سنة 321.
ثم انتقل القاضي إلى بغداد وحضر مجلس أبي عبد الله الحسين بن علي البصري المتوفى سنة 446 مدة من الزمن فكان من أبرز تلامذته، حتى لمع نجمه، وطار صيته فاستدعاه الصاحب أبو القاسم إسماعيل بن عباد وزير فخر الدولة البويهي إلى الري وكان الصاحب واحد زمانه علما وفضلا وتدبيرا وجودة رأي، وكرما، عالما بأنواع العلوم عارفا بالكتب وموادها، ورسائله مشهورة مدونة، وجمع من الكتب ما لم يجمعها غيره حتى أنه كان يحتاج في نقلها إلى أربعمائة جمل (2).
وكان الصاحب سمح الكف، وفير العطاء حتى روي أن عطاياه للعلماء والأدباء والأشراف - يعني ذرية الرسول صلى الله عليه وآله وسلم -