الروافض وأهل البدع (1). وقد غالى الأيوبيون في القضاء على كل أثر للشيعة (2) فبعد انقراض دولة الفاطميين ألقي بعضها في النار، والبعض الآخر في النيل، وترك بعضها في الصحراء فسفت عليها الرياح حتى صارت تلالا عرفت بتلال الكتب، واتخذ العبيد من جلودها نعالا (3)، وفي عهد طغرلبك السلجوقي أحرقت كتب الشيخ الطوسي في رحبة جامع النصر (4) كما أحرقت مكتبة بيت الحكمة التي أسسها سابور بن أردشير وزير بهاء الدولة بن بويه وكانت من أغنى دور الكتب في عاصمة العباسيين (5) والتي قال عنها ياقوت: " لم يكن في الدنيا أحسن منها وكانت كلها بخطوط الأئمة المعتبرة. وأصولهم المحررة (6) وقد احترقت عند ورود طغرلبك أول ملوك السلاجقة لأنها كانت خاصة بالشيعة (7) ولعل مما يبعث الأسى والأسف أن الحال في أيامنا هذه على ما كان الحال في عهد السلاجقة وأمثالهم.
وإذا كان الفكر يومئذ مصدرا من مصادر الخطر فلا ينبغي أن يكون في هذه الأيام كذلك لانحسار الأسباب التي كانت تؤول إلى ذلك.
ولقد اقتفى الصاحب بفسح المجال للقاضي وغيره آثار ملوكه من البويهيين، فإنهم أعطوا للناس حريتهم. وسمحوا لهم بإظهار معتقداتهم من دون تفريق وتمييز رغم ما اتهموا به من الغلو في التشيع.