معنى ما جاءني زيد بل عمرو ان عمروا لم يجيئ وعدم مجيئ زيد زيد ومجيئه على الاحتمال أو مجيئه محقق كما هو مذهب المبرد وان جعلناه بمعنى ثبوت الحكم للتابع حتى يكون معنى ما جاءني زيد بل عمرو ان عمروا جاءك كما هو مذهب الجمهور.
ففيه اشكال (أو للشك) من المتكلم (أو التشكيك للسامع) أي ايقاعه في الشك (نحو جاءني زيد أو عمرو) أو للابهام نحو قوله تعالى وانا أو إياكم لعلى هدى أو في ضلال مبين، أو للتخيير أو للإباحة نحو ليدخل الدار زيد أو عمرو والفرق بينهما ان في الإباحة يجوز الجمع بينهما بخلاف التخيير.
واما فصله: أي تعقيب المسند إليه بضمير الفصل، وانما جعله من أحوال المسند إليه، لأنه يقترن به أولا، ولأنه في المعنى عبارة عنه، وفى اللفظ مطابق له (فلتخصيصه) أي المسند إليه (بالمسند) يعنى لقصر المسند على المسند إليه، لان معنى قولنا: زيد هو القائم، ان القيام مقصور على زيد لا يتجاوزه إلى عمرو، فالباء في قوله فلتخصيصه بالمسند مثلها في قولهم، خصصت فلانا بالذكر، أي: ذكرته دون غيره، كأنك جعلته من بين الاشخاص مختصا بالذكر، أي منفردا به، والمعنى ههنا جعل المسند إليه من بين ما يصح اتصافه بكونه مسندا إليه مختصا بان يثبت له المسند كما يقال: في إياك نعبد معناه نخصك بالعبادة ولا نعبد غيرك.
واما تقديمه: أي تقديم المسند إليه (فلكون ذكره أهم) ولا يكفي في التقديم مجرد ذكر الاهتمام بل لابد من أن يبين ان الاهتمام من أي جهة وبأي سبب فلذا فصله بقوله:
(اما لأنه) أي تقديم المسند إليه (الأصل) لأنه المحكوم عليه ولابد من تحققه قبل الحكم فقصدوا ان يكون في الذكر أيضا مقدما (ولا مقتضى للعدول عنه) أي عن ذلك الأصل إذ لو كان أمر يقتضى العدول عنه فلا يقدم كما في الفاعل فان مرتبة العامل التقدم على المعمول، (واما ليتمكن الخبر في ذهن السامع، لان في المبتدأ تشويقا إليه) أي الخبر