واحترز بقوله كذلك عن نحو جاءني زيد وعمرو بعده بيوم أو سنة (نحو جاءني زيد فعمرو أو ثم عمرو أو جاءني القوم حتى خالد) فالثلاثة تشترك في تفصيل المسند الا ان الفاء تدل على التعقيق من غير تراخ وثم على التراخي وحتى على أن اجزاء ما قبلها مترتبة في الذهن من الأضعف إلى الأقوى أو بالعكس.
فمعنى تفصيل المسند فيها ان يعتبر تعلقه بالمتبوع أولا وبالتابع ثانيا من حيث إنه أقوى من اجزاء المتبوع أو أضعفها ولا يشترط فيها الترتيب الخارجي.
فان قلت في هذه الثلاثة أيضا تفصيل للمسند إليه فلم لم يقل أو لتفصيلهما معا.
قلت فرق بين ان يكون الشئ حاصلا من شئ وبين ان يكون الشئ مقصودا منه وتفصيل المسند إليه في هذه الثلاثة وان كان حاصلا لكن ليس العطف بهذه الثلاثة لأجله لان الكلام إذا اشتمل على قيد زائد على مجرد الاثبات أو النفي فهو الغرض الخاص والمقصود من الكلام ففي هذه الأمثلة تفصيل المسند إليه كأنه أمر كان معلوما وانما سيق الكلام لبيان ان مجئ أحدهما كان بعد الاخر فليتأمل.
وهذا البحث مما أورده الشيخ في دلائل الاعجاز ووصى بالمحافظة عليه (أورد السامع) عن الخطاء في الحكم (إلى الصواب نحو جاءني زيد لا عمرو) لمن اعتقد ان عمروا جاءك دون زيد أو انهما جاءاك جميعا ولكن أيضا للرد إلى الصواب الا انه لا يقال لنفى الشركة حتى أن نحو ما جاءني زيد لكن عمرو انما يقال لمن اعتقد ان زيدا جاءك دون عمرو، لا لمن اعتقد انهما جاءاك جميعا.
وفي كلام النحاة ما يشعر بأنه انما يقال لمن اعتقد انتفاء المجئ عنهما جميعا (أو صرف الحكم) عن المحكوم عليه (إلى) محكوم عليه (آخر نحو جاءني زيد بل عمرو أو ما جاءني زيد بل عمرو) فان بل للاضراب عن المتبوع وصرف الحكم إلى التابع ومعنى الاضراب عن المتبوع ان يجعل في حكم المسكوت عنه لا ان ينفى عنه الحكم قطعا خلافا لبعضهم.
ومعنى صرف الحكم في المثبت ظاهر وكذا في المنفى ان جعلناه بمعنى نفى الحكم عن التابع والمتبوع في حكم المسكوت عنه أو متحقق الحكم له حتى يكون