مختصر المعاني - سعد الدين التفتازاني - الصفحة ٥٨
والفرق بين التعظيم والتكثير ان التعظيم بحسب ارتفاع الشأن وعلو الطبقة والتكثير باعتبار الكميات والمقادير تحقيقا كما في الإبل أو تقديرا كما في الرضوان وكذا التحقير والتقليل، وللإشارة إلى أن بينهما فرقا قال (وقد جاء) التنكير (للتعظيم والتكثير نحو ان يكذبوك فقد كذبت رسل) من قبلك (أي رسل ذووا عدد كثير) هذا ناظر إلى التكثير (و) ذووا (آيات عظام) هذا ناظر إلى التعظيم.
وقد يكون للتحقير والتقليل معا نحو حصل لي منه شئ أي حقير قليل (ومن تنكير غيره) أي غير المسند إليه (للافراد أو النوعية نحو والله خلق كل دابة من ماء) أي كل فرد من افراد الدواب من نطفة معينة هي نطفة أبيه المختصة به أو كل نوع من أنواع الدواب من نوع من أنواع المياه وهو نوع النطفة التي تختص بذلك النوع من الدابة (و) من تنكير غيره (للتعظيم نحو فأذنوا بحرب من الله ورسوله) أي حرب عظيم.
(وللتحقير نحو ان نظن الا ظنا) أي ظنا حقيرا ضعيفا إذا الظن مما يقبل الشدة والضعف فالمفعول المطلق ههنا للنوعية لا للتأكيد وبهذا الاعتبار صح وقوعه بعد الاستثناء مفرغا مع الامتناع نحو ما ضربته الا ضربا على أن يكون المصدر للتأكيد لان مصدر ضربته لا يحتمل غير الضرب والمستثنى منه يجب ان يكون متعددا ليشمل المستثنى وغيره.
واعلم أنه كما أن التنكير الذي في معنى البعضية يقيد التعظيم فكذلك صريح لفظة البعض كما في قوله تعالى [ورفع بعضهم درجات] أراد محمدا صلى الله عليه وآله ففي هذا الابهام من تفخيم فضله واعلاء قدره ما لا يخفى.
(واما وصفه) أي وصف المسند إليه، والوصف قد يطلق على نفس التابع المخصوص وقد يطلق بمعنى المصدر وهو الأنسب ههنا وأوفق بقوله واما بيانه واما الابدال عنه أي واما ذكر النعت له (فلكونه) أي الوصف بمعنى المصدر والأحسن ان يكون بمعنى النعت على أن يراد باللفظ أحد معنييه وبضميره معناه الآخر على
(٥٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 53 54 55 56 57 58 59 60 61 62 63 ... » »»