جعله في الأصل مؤخرا على أنه فاعل معنى لا لفظا بان يكون بدلا من الضمير الذي هو فاعل لفظا لا معنى وهذا معنى قوله.
(واستثنى) السكاكي (المنكر بجعله من باب وأسروا النجوى الذين ظلموا، أي على القول بالابدال من الضمير) يعنى قدر بان أصل رجل جاءني جاءني رجل على أن رجل ليس بفاعل، بل هو بدل من الضمير في جاءني، كما ذكر في قوله تعالى [وأسروا النجوى الذين ظلموا] ان الواو فاعل والذين ظلموا بدل منه.
وانما جعله من هذا الباب (لئلا ينتفى التخصيص إذ لا سبب له) أي للتخصيص (وسواه) أي سوى تقدير كونه مؤخرا في الأصل على أنه فاعل معنى ولولا أنه مخصص لما صح وقوعه مبتدأ (بخلاف المعرف) فإنه يجوز وقوعه مبتدأ من غير اعتبار التخصيص، فلزم ارتكاب هذا الوجه البعيد في المنكر دون المعرف.
فان قيل: فلزمه ابراز الضمير في مثل جاءني رجلان وجاؤني رجال والاستعمال بخلاف قلنا ليس مراده ان المرفوع في قولنا جاءني رجل، بدل لا فاعل، فإنه مما لا يقول به عاقل فضلا عن فاضل، بل المراد ان المرفوع في مثل قولنا رجل جاءني ان يقدر، ان الأصل جاءني رجل على أن رجلا بدل لا فاعل، ففي مثل رجال جاؤني يقدر ان الأصل جاؤني رجال فليتأمل.
(ثم قال) السكاكي (وشرطه) أي وشرط كون المنكر من هذا الباب، واعتبار التقديم والتأخير فيه (إذا لم يمنع من التخصيص مانع كقولك رجل جاءني على ما مر) ان معناه رجل جاءني لا امرأة أو لا رجلان (دون قولهم شر أهر ذا ناب) فان فيه مانعا من التخصيص.
(اما على تقدير الأول) يعنى تخصيص الجنس (فلامتناع ان يراد ان المهر شر لا خير) لان المهر لا يكون الا شرا.
واما على (الثاني) يعنى تخصيص الواحد (فلنبوه عن مظان استعماله) أي لنبو تخصيص الواحد عن مواضع استعمال هذا الكلام، لأنه لا يقصد به ان المهر شر لا شران وهذا ظاهر.