وهامان سبب آمر، وكذا قولك لينبت الربيع ما شاء وليصم نهارك وليجد جدك وما أشبه ذلك، مما أسند فيه الامر أو النهى إلى ما ليس المطلوب فيه صدور الفعل أو الترك عنه وكذلك قولك ليت النهر جار وقوله تعالى [أصلاتك تأمرك].
(ولا بد له): أي للمجاز العقلي (من قرينة) صارفة عن إرادة ظاهرة، لان المتبادر إلى الفهم عند انتفاء القرينة هو الحقيقة (لفظية كما مر) في قول أبى النجم من قوله أفناه قيل الله (أو معنوية كاستحالة قيام المسند بالمذكور) أي بالمسند إليه المذكور مع المسند.
(عقلا) أي من جهة العقل يعنى ان يكون بحيث لا يدعى أحد من المحققين والمبطلين انه يجوز قيامه به لان العقل إذا خلى ونفسه يعده محالا (كقولك محبتك جاءت بي إليك) لظهور استحالة قيام المجئ بالمحبة.
(أو عادة) أي من جن جهة العادة (نحو هزم الأمير الجند) لاستحالة قيام انهزام الجند بالأمير وحده عادة وان كان ممكنا عقلا وانما قال قيامه به ليعم الصدور عنه مثل ضرب وهزم وغيره مثل قرب وبعد.
(وصدوره) عطف على استحالة أي وكصدور الكلام (عن الموحد في مثل أشاب الصغير) وأفنى الكبير البيت فإنه يكون قرينة معنوية على أن اسناد شاب وأفنى إلى كر الغداة ومر العشى مجاز، لا يقال هذا داخل في الاستحالة لأنا نقول لا نسلم ذلك كيف وقد ذهب إليه كثير من ذوي العقول واحتجنا في ابطاله إلى الدليل.
(ومعرفة حقيقته): يعنى ان الفعل في المجاز العقلي يجب ان يكون له فاعل أو مفعول به إذا أسند إليه يكون الاسناد حقيقة.
فمعرفة فاعله أو مفعولة الذي إذا أسند إليه يكون الاسناد حقيقة (اما ظاهرة كما في قوله تعالى (فما ربحت تجارتهم أي فما ربحوا في تجارتهم واما خفية) لا تظهر الا بعد نظر وتأمل (كما في قولك سرتني رؤيتك) أي سرني الله عند رؤيتك (وقوله " يزيدك وجهه حسنا، إذا ما زدته نظرا ") أي يزيدك الله حسنا في وجهه لما أودعه من دقائق الحسن والجمال تظهر بعد التأمل والامعان.