(ان تعجل فخير وان ترث،) أي تبطأ (فالريث في بعض المواضع أنفع) والأحسن ان يكون هو فيه عائذا إلى حاضر في الذهن وهو مبتدأ خبره الصنع والشرطية ابتداء كلام، وهذا كقول أبى العلاء هو الهجر حتى ما يلم خيال، وبعض صدود الزائرين وصال، وهذا نوع من الاعراب لطيف لا يكاد يتنبهه الا الأذهان الراقية من أئمة العرب (وقول أبى الطيب ومن الخير بطوء سيبك) أي تأخر عطائك (عنى، أسرع السحب في المسير الجهام) أي السحاب الذي لا ماء فيه.
واما ما فيه ماء فيكون بطيئا ثقيل المشي فكذا حال العطاء ففي بيت أبى الطيب زيادة بيان لاشتماله على ضرب المثل بالسحاب (وثانيها) أي ثاني الأقسام وهو ان يكون الثاني دون الأول (كقول البحتري وإذا تألق) أي ملع (في الندى) أي في المجلس (كلامه المصقول) المنقح (خلت) أي حسبت (لسانه من عضبه) أي سفيه القاطع وقول أبى الطيب:
كأن ألسنهم في النطق قد جعلت * على رماحهم في الطعن خرصانا جمع خرص بالضم والكسر هو السنان يعنى ان ألسنهم عند النطق في المضاء والنفاذ تشابه أسنتهم عند الطعن فكأن ألسنهم جعلت أسنة على رماحهم فبيت البحتري أبلغ لما في لفظي تألق والمصقول من الاستعارة التخييلية فان التألق والصقالة للكلام بمنزلة الأظفار للمنية ولزم من ذلك تشبيه كلامه بالسيف هو استعارة بالكناية.
(وثالثها) أي ثالث الأقسام وهو ان يكون الثاني مثل الأول (كقول الاعرابي) أبى زياد (ولم يك أكثر الفتيان مالا، ولكن أرحبهم ذراعا) أي أسخاهم، يقال فلان رحب الباع والذراع ورحبتهما أي سخى (وقول الشجع ليس) أي الممدوح يعنى جعفر بن يحيى (بأوسعهم) الضمير للملوك (في الغنى ولكن معروفه) أي إحسانه (أوسع) فالبيتان متماثلان هذا ولكن لا يعجبني معروفه أوسع (واما غير الظاهر فمنه ان يتشابه المعنيان) أي معنى البيت الأول ومعنى البيت الثاني (كقول جرير فلا يمنعك من أرب) أي حاجة (لحاهم) جمع لحية يعنى كونهم في صورة (الرجال