مختصر المعاني - سعد الدين التفتازاني - الصفحة ٢٨٧
ومن المعنوي (القول بالموجب وهو ضربان أحدهما ان تقع صفة في كلام الغير كناية عن شئ أثبت له) أي لذلك الشئ (حكم فتثبتها لغيره) أي فتثبت أنت في كلامك تلك الصفة لغير ذلك الشئ (من غير تعرض لثبوته له) أي لثبوت ذلك الحكم لذلك الغير (أو نفيه عنه نحو قوله تعالى يقولون لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين) فالأعز صفة وقعت في كلام المنافقين كناية عن فريقهم والأذل كناية عن المؤمنين وقد أثبت المنافقون لفريقهم اخراج المؤمنين من المدينة، فأثبت الله تعالى في الرد عليهم صفة العزة لغير فريقهم وهو الله تعالى ورسوله والمؤمنون ولم يتعرض لثبوت ذلك الحكم الذي وهو الاخراج للموصوفين بالعزة أعني الله تعالى ورسوله والمؤمنين ولا لنفيه عنهم.
(والثاني حمل لفظ وقع في كلام الغير على خلاف مراده) حال كون خلاف مراده (مما يحتمله) ذلك اللفظ (بذكر متعلقه) أي انما يحمل على خلاف مراده بان يذكر متعلق ذلك اللفظ (كقوله قلت ثقلت إذا اتيت مرارا * قال ثقلت كاهلي بالأيادي فلفظ ثقلت وقع في كلام الغير بمعنى حملتك المؤنة فحمله على تثقيل عاتقه بالأيادي والمنن بان ذكر متعلقه أعني قوله كاهلي بالأيادي.
(ومنه) أي ومن المعنوي (الاطراد وهو ان تأتى بأسماء الممدوح أو غيره) وأسماء (آبائه على ترتيب الولادة من غير تكلف) في السبك (كقوله ان يقتلوك فقد ثللت عروشهم، بعتيبة بن الحارث بن شهاب) يقال للقوم إذا ذهب عزهم وتضعضع حالهم قد ثل عرشهم يعنى ان تبجحوا بقتلك وفرحوا به فقد أثرت في عزهم وهدمت أساس مجدهم بقتل رئيسهم.
فان قيل هذا من تتابع الإضافات فكيف يعد من المحسنات.
قلنا قد تقرر ان تتابع الإضافات إذا سلم من الاستكراه ملح ولطف والبيت من هذا القبيل كقوله عليه السلام الكريم ابن الكريم ابن الكريم ابن الكريم الحديث، هذا تمام ما ذكر من الضرب المعنوي (واما) الضرب (اللفظي) من الوجوه
(٢٨٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 282 283 284 285 286 287 288 289 290 291 292 ... » »»