مختصر المعاني - سعد الدين التفتازاني - الصفحة ١٧٠
المتعارف كذلك يوصف به لكونه أقل مما يقتضيه المقام بحسب الظاهر، وانما قلنا بحسب الظاهر لأنه لو كان أقل مما يقتضيه المقام ظاهرا وتحقيقا لم يكن في شئ من البلاغة مثاله قوله تعالى رب انى وهن العظم منى واشتعل الرأس شيبا، من الآية فإنه اطناب بالنسبة إلى المتعارف أعني قولنا يا رب شخت وايجاز بالنسبة إلى مقتضى المقام ظاهرا لأنه مقام بيان انقراض الشباب وإلمام المشيب فينبغي ان يبسط فيه الكلام غاية البسط فالايجاز معنيان بينهما عموم من وجه.
(وفيه نظر لان كون الشئ أمرا نسبيا لا يقتضى تعسر تحقيق معناه) إذ كثيرا ما تحقق معاني الأمور النسبية وتعرف بتعريفات تليق بها كالأبوة والاخوة وغيرهما.
والجواب انه لم يرد تعسر بيان معناهما لان ما ذكر بيان لمعناها بل أراد تعسر التحقيق والتعيين في أن هذا القدر ايجاز وذلك اطناب (ثم البناء على المتعارف والبسط الموصوف) بان يقال الايجاز هو الأداء بأقل من المتعارف أو مما يليق بالمقام من كلام أبسط من الكلام المذكور (رد إلى الجهالة) إذ لا تعرف كمية متعارف الأوساط وكيفيتها لاختلاف طبقاتهم ولا يعرف ان كل مقام أي مقدار يقتضى من البسط حتى يقاس عليه ويرجع إليه.
والجواب ان الألفاظ قوالب المعاني والأوساط الذين لا يقدرون في تأديه المعاني على اختلاف العبارات والتصرف في لطائف الاعتبارات لهم حد معلوم من الكلام يجرى فيما بينهم في المحاورات و؟؟ وهذا معلوم للبلغاء وغيرهم فالبناء على المتعارف واضح بالنسبة إليهما جميعا.
واما البناء على البسط الموصوف فإنما هو معلوم للبلغاء العارفين لمقتضيات الأحوال بقدر ما يمكن لهم البسط فلا يجهل عندهم ما يقتضيه كل مقام من مقدار البسط.
(والا قرب) إلى الصواب (ان يقال المقبول من طرق التعبير عن المراد تأدية أصله بلفظ مساو له) أي لأصل المراد (أو) بلفظ (ناقص عنه واف أو بلفظ زائد
(١٧٠)
مفاتيح البحث: الجهل (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 164 165 166 167 169 170 171 172 173 174 175 ... » »»