مختصر المعاني - سعد الدين التفتازاني - الصفحة ١١٣
(وأورد اقرأ باسم ربك) يعنى لو كان التقديم مفيدا للاختصاص والاهتمام لوجب ان يؤخر الفعل ويقدم باسم ربك لان كلام الله تعالى أحق لرعاية ما تجب رعايته (وأجيب بان الأهم فيه القراءة) لأنها أول سورة نزلت فكان الامر بالقرائة أهم باعتبار هذا العارض وان كان ذكر الله أهم في نفسه هذا جواب جار الله العلامة في الكشاف (وبأنه) أي باسم ربك (متعلق باقرأ الثاني) أي هو مفعول اقرأ الذي بعده.
(ومعنى) اقرأ (الأول أوجد القراءة) من غير اعتبار تعديته إلى مقروء به كما في فلان يعطى ويمنع كذا في المفتاح (وتقديم بعض معمولاته) أي معمولات الفعل (على بعض لان أصله) أي أصل ذلك البعض (التقديم) على البعض الاخر (ولا مقتضى للعدول عنه) أي عن الأصل (كالفاعل في نحو ضرب زيد عمروا) لأنه عمدة في الكلام وحقه ان يلي الفعل وانما قال في نحو ضرب زيد عمروا لان في نحو ضرب زيد غلامه مقتضيا للعدول عن الأصل (والمفعول الأول في نحو أعطيت زيدا درهما) فان أصله التقديم لما فيه من معنى الفاعلية وهو انه عاط أي آخذ للعطاء (أو لان ذكره) أي ذكر ذلك البعض الذي يقدم.
(أهم) جعل الأهمية ههنا قسيما لكون الأصل التقديم وجعلها في المسند إليه شاملا له ولغيره من الأمور المقتضية للتقديم وهو الموافق للمفتاح ولما ذكره الشيخ عبد القاهر حيث قال انا لم نجدهم اعتمدوا في التقديم شيئا يجرى مجرى الأصل غير العناية والاهتمام لكن ينبغي ان يفسر وجه العناية بشئ يعرف له فيه معنى وقد ظن كثير من الناس انه يكفي ان يقال قدم للعناية ولكونه أهم من غير أن يذكر من أين كانت تلك العناية وبم كان أهم.
فمراد المصنف بالأهمية ههنا الأهمية العارضة بحسب اعتناء المتكلم أو السامع بشأنه والاهتمام بحاله لغرض من الأغراض (كقوله قتل الخارجي فلان) لان الأهم في تعلق القتل هو الخارجي المقتول ليتخلص الناس من شره (أو لان في التأخير اخلالا ببيان المعنى نحو قوله تعالى " وقال رجل مؤمن من آل فرعون يكتم
(١١٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 108 109 110 111 112 113 114 115 116 117 118 ... » »»