فالرواية كادت تكون صريحة في المدعى بل وكذا صحيحة يونس بن عبد الرحمن الواردة فيمن وجد في رحله بعض متاع رفيقه الذي كان معه بمكة وفارقه في الطريق أيضا من هذا القبيل مجهول المالك لأنه كان يعلم بان هذا المال لذلك الشخص الخاص المعهود الذي كان معه بمكة ولكنه لم يكن يعرف بلده ولا شخصه ببعض عناوينه المعروفة فيما بين الناس على وجه يمكنه الوصول إليه بالفحص والسؤال وكيف كان فلا ينبغي الاستشكال في جواز التصدق بمال الغائب الذي امتنع ايصاله إلى صاحبه وما نحن فيه بمقتضى العادة مندرج في مصاديق هذا الحكم مع امكان دعوى القطع برضا الإمام عليه السلام بالتصدق بماله الذي تعذر ايصاله إليه كما يؤيد ذلك امره بذلك في جملة من الأخبار الواردة في ميراث من لا وارث له الذي هو من الأنفال وغيره من الموارد التي لا تخفى على المتتبع فالانصاف ان القول بجواز صرفه إلى الفقراء مطلقا بل وكذا إلى سائر المصارف التي يحصل بها تشييد الدين واعلاء كلمة الحق مما يكون القيام به من وظائف الإمام عليه السلام لا يخلو عن قوة خصوصا مع ملاحظة لا أهم فالأهم الا ان الأحوط ان لم يكن الأقوى الاقتصار على فقراء الهاشميين مع الامكان كما يظهر من خبر عيسى بن المستفاد المتقدم بل قد يشكل التخطي عن مضمون هذا الخبر لامكان ان يقال إنه وان لم يكن بنفسه جامعا لشرائط الحجية ولكنه يتعين الاخذ به في خصوص المقام لانسداد باب العلم فيه وعدم المناص عن التصرف فيما يحصل بيد المكلف من سهم الإمام عليه السلام ولو بحفظه وامساكه ولا يمكن الاحتياط فيه فيتعين الاخذ بما روى فيه من الأئمة عليهم السلام وان لم يكن في حد ذاته جامعا لشرائط الحجية ولا يجوز العدول عنه إلى سائر الظنون المتنية على الحدس والتخمين الناشئة من القياسات والاستحسانات ونظائرها وان كانت أقوى من الظن الحاصل من تلك الرواية فان للخبر من حيث هو نوع اعتبار لدى العرف والعقلاء عند تعذر تحصيل العلم وعدم المناص عن العمل وتعذر الاحتياط ليس ذلك الاعتبار لسائر الظنون المتنية على الحدس والتخمين ولكن هذا بعد تسليمه انما يتم لو لم ندع القطع برضا الإمام عليه السلام بالصدقة أو صرفه إلى قسم خاص أو استفادة حكمه مما ورد فيما تعذر ايصاله إلى صاحبه والا فلا يتم مقدمات هذا الدليل كما لا يخفى المسألة الخامسة يجب ان يتولى صرف حصة الإمام عليه السلام إلى الأصناف الموجودين من إليه الحكم ممن جمع شرائط الفتوى بحق النيابة بناء على كونه أداء عما يجب الإمام عليه السلام من الاتمام كما صرح به غير واحد بل ربما نسب إلى أكثر المتأخرين بل في المسالك نسبته إلى كل من أوجب صرفه إلى الأصناف كما يتولى أداء ما يجب على الغائب غير الامام ولا يتوقف هذا على ادعاء عموم نيابة الفقيه في زمان الغيبة عن الإمام عليه السلام في كل ما يرجع إليه حتى في جمع أمواله المختصة به وصرفها إلى مصارفها كي يتطرق إليه الخدشة بقصور أدلة النيابة عن اثبات هذا النحو من العموم ولا من باب الولاية على الغائب كي يدعى فساده ضرورة ان الإمام عليه السلام لم يقصد بارجاع العوام إليه ونصبه قاضيا أو حاكما اثبات الولاية له على نفسه بل من باب قيام الحاكم مقام كل من امر بمعروف غير مقيد معروفيته بقدرة ذلك الشخص فعجز عن اقامته لغيبته أو قصوره فعلى الحاكم القيام مقامه في أداء ما وجب عليه لان هذا من أوضح مناصب الفقيه الذي نلتزم بثبوته لعدول المؤمنين على تقدير فقد الحاكم من باب الحسبة فهذا مما لا ينبغي الارتياب فيه بعد تسليم مقدماته ولكنك عرفت فيما سبق منع الصغرى وانه لم يثبت وجوب الاتمام على الإمام عليه السلام حال حضوره فضلا عن بقاء التكليف به بعد غيبته حتى يتولى أدائه الحاكم بحق النيابة بل الصرف إلى الأصناف أو غيرهم منشأه اما دعوى القطع برضا الإمام عليه السلام بذلك تفضلا منه واحسانا على أرحامه وشيعته أو دعوى اندراجه فيما تعذر ايصاله إلى صاحبه الذي حكمه الصدقة أو لأجل الاعتماد على ما يستفاد من خبر عيسى بن المستفاد المتقدم فان عولنا على هذا الخبر فمفاده كون من بيده شئ من الخمس هو المكلف بايصاله إلى السادة أو الفقراء عند عجزه عن الايصال إلى الإمام عليه السلام من غير فرق بين سهم الإمام عليه السلام وسهم سائر الأصناف فلا يجب عليه دفعه إلى الحاكم حينئذ بل لا يجوز الا من باب الاستنابة والتوكل نعم لو قلنا باقتضاء عمومات النصب قيام الحاكم مقام الإمام عليه السلام فيما يرجع إليه ولو فيما يتعلق به بالخصوص من جمع أمواله من الخمس والأنفال ونحوها لكانت العمومات على هذا التقدير حاكمة على مثل هذا الخبر فإنها تجعل الايصال إليه بمنزلة الايصال إلى الإمام عليه السلام وان استندنا في جواز الصرف إلى دعاء القطع به فالحكم يدور مداره فان حصل للعامي أيضا القطع برضا الإمام عليه السلام بان يصرف أمواله إلى جهة جاز له ان يعمل بقطعه كما لو يقطع برضا غيره في التصرف في أمواله باذن الفحوى أو شهادة الحال والا وجب عليه الرجوع إلى المجتهد فان حصل لمجتهده القطع برضا الإمام عليه السلام بان يتولى صرفه كل من حصل بيده الخمس جاز له الافتاء بذلك والا اقتصر على ما هو المتيقن عنده كما هو واضح وان منعنا القطع بذلك وقلنا باندراجه في الموضوع الذي حكمه الصدقة فمقتضاه جواز التصدق به لكل من حصل بيده ان لم نقل بنيابة الفقيه عن الإمام عليه السلام في استيفاء حقه من الخمس والفئ والأنفال ونحوها كنيابة نوابه الأربعة الذين كانوا في الغيبة الصغرى والا فعلى العامي ايصاله إلى الفقيه إذ بعد فرض النيابة يكون الايصال إليه بمنزلة الايصال إلى الإمام عليه السلام فلا يكون بالنسبة إليه مندرجا في الموضوع الذي حكمه الصدقة بل هو مكلف بايصاله إلى من اقامه المالك مقامه وعلى النائب ان يرى فيه رأيه ويعمل فيه على حسب ما يقتضيه تكليفه فهذا مما لا إشكال فيه الا ان استفادة هذا النحو من العموم لنيابة الفقيه من أدلة النصب لا يخلو عن خفاء إذ المتبادر منها في بادي الرأي انما هو النصب للحكومة بين الناس والترافع عنده لا الاستنابة ولكن الذي يظهر بالتدبر في التوقيع المروى عن امام العصر عجل الله تعالى فرجه الذي هو عمدة دليل النصب انما هو إقامة الفقيه المتمسك برواياتهم مقامه بارجاع عوام الشيعة إليه في كل ما يكون الامام مرجعا فيه كي لا يبقى شيعته متحيرين في أزمنة الغيبة وهو ما رواه في الوسائل عن كتاب اكمال الدين واتمام النعمة عن محمد بن محمد بن عصام عن محمد بن يعقوب عن إسحاق بن يعقوب قال سئلت محمد
(١٦٠)