مصباح الفقيه (ط.ق) - آقا رضا الهمداني - ج ٣ - الصفحة ١٥٧
بالنسبة إلى غير الموجودين حال الانشاء مشكل وكذا بيعها وعتقها وبيع المسكن ووقفها وغير ذلك من التصرفات المتوقفة على الملك بل القصود بالتحليل امضاء جميع التصرفات المتعلقة بما يستحقه الإمام عليه السلام من النقل والانتقال والتملك بالحيازة وغير ذلك على النحو المتعارف فيما بين الخاصة والعامة فلا يجب حينئذ تطبيقها على القواعد الكلية بعد دلالة الأخبار الخاصة عليه وقضاء السيرة به وعدم الخلاف فيه لجواز كونه حكما شرعيا مخصوصا بهذا المورد فلا يهمنا البحث عن انه هل هو من باب امضاء ولاية الجائر بالنسبة إلى تصرفاتهم المربوطة بالشيعة أو من قبيل اسقاط الحق أو من باب التسبيل مشروطا بالجري على حسب ما يقتضيه الأسباب الشرعية لولا هذا الحق إلى غير ذلك من التوجهات قال شيخنا المرتضى (ره) بعد ان ذكر رجوها من الاشكال في تطبيق هذه الإباحة على القواعد ما لفظه والذي يهون الخطب الاجماع على انا نملك بعد التحليل الصادر منهم صلوات الله عليهم كل ما يحصل بأيدينا تحصيلا أو انتقالا فهذا حكم شرعي لا يجب تطبيقه على القواعد نعم يمكن أن يقال الأصل والمنشأ في ذلك أحد أمرين أحدهما ان يقال إن تملكهم الفعلي لم يتعلق بهذه الأمور ليلحقه الإباحة والتحليل فيشكل بما ذكر وانما كان حكما شأنيا من الله سبحانه واذنهم ورفع يدهم رافع لذلك الحكم الشان بمعنى ان الشارع بملاحظة رضاهم بتصرف الشيعة لم يجعل هذه الأمور في زمان قصور يدهم ملكا فعليا لهم بل أبقاها على الحالة الأصلية فهي باقية بواسطة ما علم الله تعالى منهم من الرضا على اباحتها الأصلية بالنسبة إلى الشيعة وهذا نظير الحرج الدافع للتكليف الشاني كما في نجاسة الحديد ولا مخالفة في ذلك لاخبار اختصاص هذه الأمور بالامام عليه السلام نظرا إلى أن صيرورتها من المباحات انما نشاء من شفقتهم القديمة على الشيعة قبل شرع الاحكام فجواز التصرف منوط برضاهم عليه السلام ولا يجوز التصرف بدون رضاهم ومن تصرف بدون رضاهم فهو ظالم لهم غاصب لحقهم ولا معنى للاختصاص أزيد من ذلك الثاني أن يقال بثبوت ملكهم لها فعلا الا ان معنى ملكيتهم الفعلية ليس امرا ينافي ملكية الشيعة لها بالاحياء والحيازة حتى يكون ملكية الشيعة لها بالانتقال عن ملك الإمام عليه السلام وان صرح في بعض الأخبار بلفظ الهبة الظاهرة في الانتقال بل هو معنى يشبه في الجملة بملكية الله تعالى سبحانه للأشياء وان كان ذلك ملكا حقيقتا مساويا لملكية نفس العباد الا ان هذا المعنى كالقريب منه ان الله تعالى سلطهم على هذه الأموال سلطنة مستمرة لهم ان يأذنوا لغيرهم في التملك ولهم ان يمنعوا وليس الاذن علة محدثة للتملك حتى يحتاجوا في ارجاعه بعد تملك الغير إلى أنفسهم إلى تملك جديد نظير المولى المملك لعبده انتهى أقول ولعل التوجيه الثاني أوفق بظواهر النصوص والفتاوى و أقرب إلى الاعتبار بالنظر إلى ما يقتضيه الولاية والسلطنة المطلقة التي جعلها الله تعالى للأئمة عليهم السلام كما نفينا البعد عن إرادة الملكية بهذا المعنى في صدر الكتاب من الأخبار الواردة في أن الأرض وما اخرجه الله منها بأسرها للإمام عليه السلام والله العالم بحقايق الاحكام المسألة الرابعة ما يجب من الخمس بأحد الأسباب السابقة يجب صرفه إليه مع وجوده فيما بيننا أي ظهوره والتمكن من ايصاله إليه كما تقدمت الإشارة إليه عند التكلم في كيفية القسمة ومع عدمه فيما بيننا أي في زمان الغيبة قيل يكون جميعه مباحا للشيعة نسب هذا القول إلى الديلمي وصاحب الذخيرة ولكن حكى عن ابن فهد في شرح النافع انكار نسبته إلى الديلمي وقال إن مذهب الديلمي إباحة نصف الامام خاصة وكيف كان فعن الحدائق نقل القول بإباحة الجميع أيضا عن شيخه الشيخ عبد الله بن صالح البحراني وجملة من معاصريه ومستنده الأخبار الكثيرة الظاهرة بل الصريحة في تحليل الجميع المتقدمة في مبحث خمس الأرباح والأنفال وعرفت فيما تقدم ان تلك الأخبار لو لم تكن بنفسها منصرفة إلى إرادة تحليل ما يصل إلى الشيعة من أيدي المخالفين ونظرائهم من أموالهم المغصوبة في أيديهم لتعين صرفها إلى ذلك أو حملها على ارادته في قسم خاص أو زمان خاص أو غير ذلك من المحامل التي تقدمت الإشارة إليها عند التكلم في خمس الأرباح واتضح لك في ذلك المبحث عدم صلاحية تلك الأخبار لاثبات إباحة خصوص سهم الإمام عليه السلام بعد ابتلائها بمعارضات أقوى فضلا عن إباحة الجميع فراجع ولا نطيل بالإعادة هذا مع أن جميع تلك الأخبار ما عدى التوقيع وردت في حال الحضور والقدر المتيقن من مفادها انما هو إرادة التحليل في عصر صدورها فان أراد القائل بإباحته في زمان الغيبة اباحته مطلقا وتخصيصه حال الغيبة بالذكر لكونه مورد الابتلاء لا لإرادته بالخصوص أو أراد بزمان الغيبة أعم من حال قصور يد الإمام عليه السلام بحيث يعم مورد الاخبار لكان لاستشهاده بتلك الأخبار وجه الا لا يصح لنزيل تلك الأخبار على ارادته في خصوص زمان الغيبة كما لا يخفى نعم الذي يدل عليه في خصوص زمان الغيبة هو خصوص التوقيع المروى عن كتاب الكمال الدين عن محمد بن محمد بن عصام الكليني عن محمد بن يعقوب الكليني عن إسحاق بن يعقوب انه ورد عليه من التوقيعات بخط صاحب الزمان عجل الله فرجه واما ما سالت عنه من امر المنكرين إلى أن قال واما المتلبسون بأموالنا فمن استحل منها شيئا فاكله فإنما يأكل النيران واما الخمس فقد أبيح لشيعتنا و جعلوا منه في حل إلى أن يظهر أمرنا لتطيب ولادتهم ولا تخبث ولكنك عرفت فيما سبق انه بعد الغض عن اجمال الخمس حيث إنه إشارة إلى الخمس الذي وقع عنه السؤال فلعله كان قسما خاصا مما يتعلق بالمناكح كما يشعر به التعليل بطيب الولادة انه لا يثبت اذن الإمام عليه السلام الذي هو من الموضوعات الخارجية كاذن سائر الناس في التصرف في أموالهم بمثل هذا التوقيع المعارض بغيره من التوقيعات وغيرها مما عرفت مع منافاته لما هو المعروف من حال وكلائه على ما نسب إليهم من استقرار سيرتهم على قبض الأخماس واستدل لهذا القول أيضا بان تقسيم الخمس بين أربابه منصب للإمام عليه السلام لأنه هو الذي كان يقسمه وهو غائب ولا دليل على جواز نيابة المالك أو غيره عنه وذلك وفيه ما لا يخفى والذي يغلب على الظن ان عد هذا الكلام في عداد أدلة القائلين بالإباحة غفلة ممن تصدى لنقل أدلتهم إذ لا مناسبة بين القول بالإباحة بل هو يناسب القول بوجوب الحفظ وكيف كان ففيه ان كون القسمة منصبا له اما من حيث الإمامة أو من حيث كونه من مقتضيات شركة المال بينه وبين سائر الأصناف لا يقتضى سقوط حق الباقين عند تعذر قيام الإمام عليه السلام بمنصبه واستيفاء حقه فضلا عن أن يصير مباحا لغير مستحقيه بل عليه اما نصب الغير في القيام بهذا
(١٥٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 152 153 154 155 156 157 158 159 160 161 162 ... » »»