مصباح الفقيه (ط.ق) - آقا رضا الهمداني - ج ٣ - الصفحة ١٢٦
خمس الغنائم ثابت في كل عام فمن هنا يستشعر اختصاص هذا الخمس بالامام عليه السلام وانه هو السبب في تصرفه فيه رفعا وتخفيفا ولكنه لا يلتفت إلى هذا الظاهر بعد ورود التصريح في بعض الأخبار الآتية بأنه منها فلعل جعله قسيما لها في هذه الرواية لخروجه عن منصرفها عرفا لا لعدم كونه مرادا بها في الواقع وكيف كان فهذا الاشكال أيضا غير قادح فيما نحن بصدده من اثبات وجوب الخمس في هذا لقسم فإنها صريحة في ثبوته فيما يفضل عن مؤنته من حاصل الزراعات واما ايجابه نصف السدس فهو من قبله تخفيفا على رعيته كما هو صريح الخبر فلا ينافي ذلك وجوب الخمس عليهم لولا هذا التخفيف وقوله عليه السلام في كل عام أريد به بحسب الظاهر السنين التي يتولى فيها أمرهم لا السنين التي يرجع الامر فيها إلى امام اخر كما يفصح عن ذلك مضافا إلى وضوحه مكاتبة إبراهيم بن محمد الهمداني التي أشير فيها بحسب الظاهر إلى الكتاب المزبور وان عليا قراها عليه وهى ما رواها الشيخ باسناده عن علي بن مهزيار قال كتب إليه إبراهيم بن محمد بالهمداني أقرأني على كتاب أبيك فيما أوجبه على أصحاب الضياع انه أوجب عليهم نصف السدس بعد المؤنة وانه ليس على من لم يقم ضيعته بمؤنته نصف السدس ولا غير ذلك فاختلف من قبلنا في ذلك فقالوا يجب على الضياع الخمس بعد المؤنة مؤنة الضيعة وخراجها لا مؤنة الرجل وعياله فكتب وقراه علي بن مهزيار عليه الخمس بعد مؤنته ومؤنة عياله وبعد خراج السلطان ورواه الكليني باسناده عن إبراهيم بن محمد عن أبي الحسن عليه السلام نحوه إلى غير ذلك من الأخبار الكثيرة التي ستمر عليك في طي المباحث الآتية وعند التكلم في حكم سهم الإمام عليه السلام مثل التوقيعات المروية عن صاحب الامر عجل الله فرجه التي وقع فيها التصريح بالمنع عن التصرف فيما يتعلق بهم عليهم السلام الا بأمرهم ثم إن مستحق الخمس في هذا القسم هو من يستحقه من سائر أقسام الغنيمة كما هو صريح كلمات الأصحاب وظاهر جملة من الاخبار بل صريح بعضها مثل خبر حكيم مؤذن بنى عيس عن الصادق عليه السلام قال قلت سئلته له واعلموا انما غنمتم الخ قال هي والله الإفادة يوما بيوم الا ان أبى جعل شيعتنا في حل من ذلك ليزكوا وما في بعض الروايات من الاشعار باختصاصه بالامام عليه السلام و انه حقه بالخصوص فليس الا لكونه ولى امره وكون سائر الأصناف المستحقين له امرهم املا إليه وكونهم عيالا له وقد ورد في كثير من الاخبار ما يستشعرا ويستظهر منه اختصاص مطلق الخمس من أي قسم يكون بالأئمة عليهم السلام وانه حقهم خاصة مع أنه لم يقصد بها ما ينافي استحقاق سائر الأصناف المذكورين في الآية قطعا كخبر عبد الله بن سنان قال قال أبو عبد الله عليه السلام على كل امرء غنم أو اكتسب الخمس مما أصاب لفاطمة عليها السلام ولمن يلي امرها من بعدها من ذريتها الحجج على الناس فذلك لهم خاصة يضعونه حيث شاؤ أو حرم عليهم الصدقة حتى الخياط ليخيط ثوبا بخمسة دوانيق فلنامنه دانق الامن أحللناه من شيعتنا لتطيب لهم به الولادة انه ليس من شئ عند الله يوم القيمة أعظم من الزنا انه ليقوم صاحب الخمس فيقول يا رب سل هؤلاء بما نكحوا فإنه كالنص في عدم الفرق بين خمس الأرباح والغنيمة وان جميعه مخصوص فاطمة ومن يلي امرها من ذريتها الحجج عليها وعليهم السلام فتخصيص الجميع بهم مع أشعار نفس هذا لخبر فضلا عن غيره بل ظهوره في أن مناط الحكم هو حرمة الصدقة عليهم التي لا اختصاص لها بهم بل لجميع بني هاشم لعله لكونهم هم الأصل فيه وكون استحقاق من عداهم تبعا لهم وكرامة عليهم إلى غير ذلك مما يقف عليه المتتبع فلا مجال للارتياب في أن مصرف هذا القسم من الخمس أيضا هو مصرف خمس الغنيمة واما الأخبار الواردة في اباحته للشيعة فهي أيضا كثيرة بل أكثر منها رواية حكيم وعبد الله بن سنان المتقدمتان وصحيحة الحرث بن المغيرة النصرى عن أبي عبد الله عليه السلام قال قلت له ان لنا أموالا من غلات وتجارات ونحو ذلك وقد علمنا أن لك فيها حقا قال فلم أحللنا إذا لشيعتنا الا لتطيب ولادتهم وكل من والى ابائي فهو في حل مما في أيديهم من حقنا فليبلغ الشاهد الغائب وخبر يونس بن يعقوب قال كنت عند أبي عبد الله عليه السلام فدخل عليه رجل من القماطين فقال جعلت فداك تقع في أيدينا الأموال ولا أرباح وتجارات نعلم أن حقك فيها ثابت و انا عن ذلك مقصرون فقال ما أنصفناكم ان كلفناكم ذلك اليوم ورواية أبى خديجة عن أبي عبد الله عليه السلام قال قال له رجل وانا حاضر حلل لي الفروج ففزع أبو عبد الله عليه السلام فقال له رجل ليس يسئلك ان يعترض الطريق انما يسئلك خادمة يشتريها أو امرأة يتزوجها أو ميراثا يصيبه أو تجارة أو شيئا أعطيه فقال هذا لشيعتنا حلال الشاهد منهم والغائب والميت منهم والحي وما توالد منهم إلى يوم القيمة فهو لهم حلال اما والله لا يحل الا لمن أحللنا له ولا والله ما أعطينا أحدا ذمة ولا لاحد عندنا ميثاق وصحيحة الفضلاء عن أبي جعفر عليه السلام قال قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام هلك الناس في بطونهم وفروجهم لأنهم لم يؤدوا الينا حقنا الا وان شيعتنا من ذلك وابائهم في حل وخبر ضريس الكناسي قال قال أبو عبد الله عليه السلام أتدري من أين يدخل على الناس الزنا فقلت لا ادرى فقال من قبل خمسنا أهل البيت الا لشيعتنا الأطيبين فإنه محلل لهم ولميلادهم ورواية محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام قال إن أشد ما فيه الناس يوم القيمة ان يقوم صاحب الخمس فيقول يا رب خمسي وقد طيبنا ذلك لشيعتنا لتطيب ولادتهم وليزكوا أولادهم وما روى عن كتاب اكمال الدين عن محمد بن محمد بن عصام الكليني بن محمد بن يعقوب الكليني عن إسحاق بن يعقوب فيما ورد عليه من التوقيعات بخط صاحب الزمان عجل الله فرجه اما ما سئلت عنه من امر المنكرين لي إلى أن قال واما الخمس فقدا بيح لشيعتنا وجعلوا منه في حل إلى أن يظهر أمرنا لتطيب ولادتهم ولا تخبث إلى غير ذلك من الاخبار التي سيأتي نقلها عند التعرض لحكم سهم الإمام عليه السلام ولا يخفى عليك ان هذه الروايات وان كثرت ولكن لا يصلح شئ منها مما عدى الخبر الأخير أي التوقيع المروى عن صاحب الامر عجل الله فرجه لمعارضة الأخبار المتقدمة النافية لها فان ظاهر جلها إباحة مطلق الخمس وهذا مما يمتنع ارادته إلى اخر الا بد لمخالفته للحكمة المقتضية لشرعه من استغناء بني هاشم به عن وجوه الصدقات فالمراد بها اما تحليل قسم خاص منه وهو ما يتعلق بطيب الولادة كأمهات الأولاد ونحوهما كما يشعر بذلك التعليل الواقع في جملة منها ويومي إليه قول أبي عبد الله عليه السلام في رواية الفضيل انا أحللنا أمهات شيعتنا لابائهم لتطيبوا أو تحليل مطلقه في عصر صدور الروايات لحكمة مقتضية له وهى شدة التقية فان اخبار التحليل جلها لولا كلها صدرت عن الصادقين عليهما السلام وقد كانت التقية في زمانهما مقتضية لا خفاء امر الخمس واغماض مستحقيه عن حقهم والألم يكونوا مأمونين على أنفسهم ولا على شيعتهم الذين يؤدون إليهم حقوقهم فابائو لهم كي لا يقيموا على حرام ويطيب ما كلهم ومشربهم ومولودهم ومن هنا يظهر قصور تلك الأخبار في حد ذاتها عن إفادة اباحته على الاطلاق حتى بالنسبة إلى مثل هذه الاعصار التي لا مانع عن ايصاله إلى مستحقيه ولا مقتضى لاخفاء امره كما لا يخفى بل بعضها ظاهر في إرادة العفو عنه في خصوص تلك الأزمنة لبعض العوارض
(١٢٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 121 122 123 124 125 126 127 128 129 130 131 ... » »»