شرح شافية ابن الحاجب - رضي الدين الأستراباذي - ج ٤ - الصفحة ٣٢١
ذهب وعيناه ياقوتتان، فكسره وأخذ عينيه، ودخل البيت فإذا جثث على سرر طوال (1) لم ير مثلهم طولا وعظما، وعند رؤوسهم لوح من فضة فيه تاريخهم، وإذا هم رجال من ملوك جرهم، وآخرهم موتا الحارث بن مضاض، وعليهم ثياب لا يمس منها شئ إلا انتثر كالهباء من طول الزمن، وشعر مكتوب [في اللوح] فيه عظات، آخر بيت منه:
صاح هل ريت أو سمعت براع.... البيت وقال ابن هشام: " كان اللوح من رخام، وفيه: أنا نفيلة بن عبد المدان بن خشرم بن عبد يا ليل بن جرهم بن قحطان بن هود نبي الله عليه صلوات الله، عشت خمسمائة عام وقطعت الأرض في طلب الثروة والمجد والملك، فلم يكن ذلك ينجيني من الموت، وتحته مكتوب الأبيات السابقة:
* قد قطعت البلاد..... إلى آخرها * وفى ذلك [البيت] كوم عظيم من اليواقيت والزبرجد والذهب والفضة، فأخذ منه ما أخذ، ثم علم على الشق بعلامة وأغلق بابه بالحجارة وأرسل إلى أبيه بالمال الذي خرج به ليسترضيه، ووصل عشيرته كلهم فسادهم، وجعل ينفق من الكنز ويطعم الناس ويفعل المعروف، حتى ورد أنه صلى الله عليه وسلم كان يستظل في الهاجرة بظل جفنته، وكانت بحيث يأكل منها الراكب على بعيره، وسقط فيها مرة غلام فغرق فيها فمات ومضاض بن عمرو الجرهمي جاهلي، من شعره المشهور من قصيدة:
كأن لم يكن بين الحجون إلى الصفا * أنيس ولم يسمر بمكة سامر " انتهى ما أورده الموصلي باختصار

(1) في الأصول " على سرير طويل " والتصحيح عن الروض الأنف
(٣٢١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 316 317 318 319 320 321 322 323 324 325 326 ... » »»