وروى المدائني قال: استأذن إسماعيل على الغمر بن يزيد بن عبد الملك يوما فحجبه ساعة، ثم أذن له، فدخل يبكى، فقال له: مالك تبكى؟ قال: كيف لا أبكى وأنا على مروانيتى ومروانية أبى أحجب عنك؟ فجعل الغمر يعتذر إليه، وهو يبكى، فما سكت حتى وصله الغمر بحلة لها قدر، وخرج من عنده، فلحقه رجل، فقال له: أخبرني - ويلك يا إسماعيل - أي مروانية كانت لك ولابيك؟ قال:
بغضنا إياهم، امرأته طالق إن لم يكن يلعن مروان وآله كل يوم مكان التسبيح، وإن لم يكن أبوه حضره الموت، فقيل له: قل لا إله إلا الله، فقال: لعن الله مروان، تقربا بذلك إلى الله، وإقامة له مقام التوحيد وكان إسماعيل يكنى أبا فائد، وكان أخواه محمد وإبراهيم شاعرين أيضا، وهم من سبى فارس، وكان إسماعيل شعوبيا (1) شديد التعصب للعجم، له شعر كثير يفخر بالأعاجم، أنشد يوما في مجلس فيه أشعيب:
إذ نربى بناتنا وتدسون * سفاها بناتكم في التراب فقال أشعب: صدقت والله يا أبا فائد، أراد القوم بناتهم لغير ما أردتموهن له، قال: وما ذاك؟ قال: دفن القوم بناتهم خوفا من العار عليهن، وربيتموهن لتنكحوهن، فضحك القوم حتى استغربوا، وخجل إسماعيل، حتى لو قدر أن يسيخ في الأرض لفعل ومدح إسماعيل رجلا من أهل المدينة يقال له عبد الله بن أنس، وكان قد لحق ببنى مروان، وأصاب منهم خيرا، وكان إسماعيل صديقا له فرحل إليه إلى دمشق، فأنشده مدائح له، ومت إليه بالجوار والصداقة فلم يعطه شيئا، فقال يهجوه [من الوافر]