شرح شافية ابن الحاجب - رضي الدين الأستراباذي - ج ٤ - الصفحة ١٠٧
جريد أو أدم برمله الصوانع: أي تعمله وتخرزه، ومن فسر القضيم بجلد أبيض يكتب فيه كالاندلسي وابن يعيش والجاربردى لم يصب، فان الصوانع جمع صانعة، والمعهود في نساء العرب النسيج وما أشبهه لا الكاتبة، والمعنى يقتضيه أيضا، فإن الرمل الذي تمر عليه الريح يشبه الحصير المنسوج، والعرب لا تعرف الكتابة رجالها فضلا عن نسائها، وإنما حدث فيها الخط والكتابة في الاسلام وقال بعض فضلاء العجم في شرح أبيات المفصل: يقول: كأن أثر جر الرياح الرامسات ذيولها على ذلك الربع قضيم: أي خطوط قضيم زينته بالكتابة النساء الحاذقات للكتابة، أو كأن موضع الرامسات قضيم، شبه آثار جر الرياح بالخطوط في القضيم، أو موضعها الذي (1) هبت عليه بالقضيم المنمق، وفى البيت سؤال وجواب، أما السؤال فان المجر اسم مكان، وقد عمل في ذيولها، وبيان كونه اسم مكان أنه أخبر عنه بقضيم، ولا يستقيم المجر بمعنى الجر لأنه يؤدى إلى تشبيهه وهو معنى بالرق وهو عين، ولا معنى لذلك، والجواب أن اسم المكان لا يعمل باستقراء لغتهم، وإذا وجدنا ما يخالفه وجب تأويله، وله هنا تأويلان: أحدهما: تقدير مضاف قبل مجر، والمجر مصدر، والتقدير كأن موضع جر الرامسات، وهو خير من تقدير أثر، لئلا يحصل ما هرب عنه من الاخبار بقضيم إذ الأثر يشبه بالكتابة لا بالرق، وغرضنا هنا التشبيه بالرق، ولقائل أن يقول:
لعل من قال إن تقديره كان أثر جر الرامسات قدر قبل قضيم مضافا محذوفا، وهو خطوط قضيم، فيصح المعنى، والثاني: أن يكون مجر موضعا على ظاهره، والمضاف محذوف من الرامسات، كأنه قال: مجرجر الرامسات، هذا كلامه وهو ملخص من شرح المفصل للأندلسي، وقد نقله ابن المستوفى في شرح أبيات المفصل، ورد قوله " تقدير موضع خير من تقدير أثر " بأنه لا فرق بينهما لان أثر الجر وموضع الجر واحد، إلا أن يتوهم متوهم أن أثره ما بقى من فعله، وموضعه مكان فعله، انتهى:

(1) في أصول الكتاب " التي " وهو تحريف
(١٠٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 102 103 104 105 106 107 108 109 110 111 112 ... » »»