مصباح الفقيه (ط.ق) - آقا رضا الهمداني - ج ١ق٢ - الصفحة ٦٣٥
الاستصحاب في ما إذا ثبت الحكم بالاجماع * (ففيه) * ما تقرر في محله من عدم مدخلية دليل المستصحب في قوام الاستصحاب وما عن الشيخ من دعوى الاجماع على الطهارة فلا ينهض حجة بعد تحقق الخلاف واما الصحيحة فقد تقدم الكلام فيها انفا وعرفت عدم تمامية الاستدلال بها للمدعى هذا ولكن ربما يتوهم في مثل هذه الموارد ان الشك في بقاء النجاسة ليس من قبيل الشك في الرافع بل من قبيل الشك في المقتضى الذي لا نقول بحجية الاستصحاب فيه ويدفعه انه قد ثبت في الشريعة ان الطهارة والنجاسة من الأمور القارة التي لا ترتفع الا برافع و حيث إن أهل العرف يزعمون بقاء الموضوع لو ثبت عندهم طهارته بالطبخ بالنار يرون الطبخ بالنار كالغسل بالماء من المطهرات فمتى أوجب عليهم الشارع العمل بالاستصحاب في موارد الشك في الرافع يجرونه في مثل هذه الموارد وكون الشك في الحقيقة ناشئا من الشك في مدخلية الوصف الزائل في قوام الموضوع الذي بقائه من اجزاء المقتضى غير قادح بعد أن كان امر الاستصحاب موكولا إلى أهل العرف قد القى إليهم دليله وهم يعاملون في هذه الموارد معاملة الشك في الرافع فليتأمل * (الرابع) * العجين المعجون بماء نجس لو خبز لا يطهر على المشهور وحكى عن الشيخ في النهاية في باب المياه أنه قال فان استعمل بشئ من هذه المياه النجسة في عجين يعجن ويخبز لم يكن بأس بأكل ذلك الخبز فان النار قد طهرته وعنه في باب الأطعمة من الكتاب المذكور قال وإذا نجس الماء بحصول شئ من النجاسات فيه ثم عجن به وخبز لم يجز اكل ذلك الخبز وقد رويت رخصة في جواز اكله وذلك أن النار قد طهرته والأحوط ما قدمناه واختلف كلامه أيضا في كتابي الاستبصار والتهذيب على ما حكى عنهما فأفتى في الأول بالطهارة وفى الثاني بعدمها وليس مستنده على الظاهر دعوى الاستحالة حتى يتوجه عليه قضاء العرف ببقاء الموضوع وعدم تحقق الاستحالة الموجبة لارتفاع الحكم بل الخبران المتقدمان في صدر المبحث الدالان عليه وقد عرفت فيما سبق عدم صلاحيتهما لاثبات الحكم بعد اعراض المشهور عنهما مع ما فيهما من ضعف السند وورود ثانيهما في ماء البئر الذي لا نقول بنجاسته واحتمال كون الأول أيضا فيه مع معارضتهما بغيرهما من الاخبار المعتضدة بالشهرة فالقول بالطهارة ضعيف مع أنه من الأقوال الشاذة التي لا يبعد دعوى الاجماع على خلافها والله العالم * (الخامس) * قد أشرنا انفا إلى أن عمدة المستند في الحكم بطهارة الخل المستحيل إليه الخمر وكذا العصير الذي ذهب ثلثاه هي الأدلة الخاصة والا لاشكل الحكم بطهارتهما لأجل الاستحالة كما تمسك بها غير واحد خصوصا على ما هو المشهور من كون المتنجسات الخالية من أعيان النجاسة منجسة فان استحالة الخمر أو العصير إلى مايع اخر لا تقتضى طهارة إنائهما المتنجس بهما ونجاسة الإناء مانعة من طهارتهما ولعله لذا جعل الأصحاب رضوان الله عليهم انقلاب الخمر خلا وكذا ذهاب ثلثي العصير قسيما للاستحالة عند تعداد المطهرات و * (كيف) * كان فيدل على طهارة العصير بذهاب ثلثيه الأخبار الكثيرة الدالة على حليته بعد ذهاب الثلثين فإنها أخص من الطهارة وقد تقدم جملة منها عند التكلم في الحاق العصير بعد الغليان بالخمر في الحرمة و النجاسة فراجع وقد أشرنا في ذلك البحث إلى عدم التنافي بين القول بعدم سببية الغليان بنفسه للنجاسة ما لم يسكر وبين الالتزام بكون ذهاب الثلثين مطهرا له وان كان الأوجه على هذا التقدير هو الالتزام بكون ذهاب الثلثين الذي هو سبب للحلية كاشفا عن طهارته واما كونه مؤثرا فيها فلا دليل عليه وكيف كان فطهارة العصير بعد ذهاب ثلثيه سواء قلنا بنجاسته بعد الغليان مطلقا أو بشرط ان يحدث فيه شدة مطرية مما لا شبهة فيه واما الخل المستحيل من الخمر فمما يدل على طهارته مضافا إلى الاجماع جملة من الاخبار * (منها) * صحيحة زرارة عن أبي عبد الله عليه السلام قال سئلته عن الخمر العتيقة تجعل خلا قال لا بأس وموثقة عبيد بن زرارة قال سئلت أبا عبد الله (ع) عن الرجل يأخذ الخمر فيجعلها خلا قال لا بأس وموثقة أخرى له أيضا عن أبي عبد الله (ع) في الرجل باع عصيرا فحبسه السلطان حتى صار خمرا فجعله صاحبه خلا فقال إذا تحول عن اسم الخمر فلا بأس وصحيحة ابن المهتدى قال كتبت إلى الرضا (ع) جعلت فداك العصير يصير خمرا فيصب عليه الخل وشئ يغيره حتى يصير خلا قال لا بأس به وخبر أبي بصير قال سئلت أبا عبد الله عليه السلام عن الخمر يصنع فيها الشئ حتى تحمض قال إذا كان الذي صنع فيها هو الغالب على ما صنع فيه فلا بأس عن الشيخ ان هذا الخبر شاذ متروك لأن الخمر نجس ينجس ما حصل فيها انتهى ولعله محمول على الانقلاب لا الاستهلاك والامتزاج والمروى عن قرب الإسناد عن علي بن جعفر عن أخيه قال سئلته عن الخمر يكون أوله خمرا ثم يصير خلا قال إذا ذهب سكره فلا بأس وعن جامع البزنطي عن أبي بصير عن أبي عبد الله (ع) انه سئل عن الخمر تعالج بالملح ونحوه لتحول خلا قال لا بأس بمعالجتها قلت فانى عالجتها وطينت رأسها ثم كشفت عنها فنظرت إليها قبل الوقت فوجدتها خمرا أيحل لي امساكها قال لا بأس بذلك انما ارادتك ان يتحول الخمر خلا وليس ارادتك الفساد وعن محمد بن أبي عمير وعلي بن حديد جميعا عن جميل قال قلت لأبي عبد الله (ع) يكون لي على الرجل الدراهم فيعطني بها خمرا فقال خذها ثم أفسدها قال على واجعلها خلا وهذه الأخبار ما بين مطلق وظاهر وصريح في حلية الخل المستحيل من الخمر بالمعالجة ولا يعارضها المروى عن العيون عن علي عليه السلام كلوا الخمر ما انفسد ولا تأكلوا ما أفسدتموه أنتم وخبر أبي بصير قال سئلت أبا عبد الله (ع) عن الخمر يجعل خلا قال لا بأس إذا لم يجعل فيها ما يقلبها وخبره الأخير أيضا عن أبي عبد الله (ع)
(٦٣٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 630 631 632 633 634 635 636 637 638 639 640 ... » »»