مصباح الفقيه (ط.ق) - آقا رضا الهمداني - ج ١ق٢ - الصفحة ٦٣٤
بها؟؟ الحنطة المتنجسة عند صيرورتها طحينا والطحين عجينا والعجين خبزا إلى غير ذلك من الأمثلة التي يشهد العرف ببقاء الشئ الأول وعدم يفره الا من حيث الأوصاف التي لا مدخلية لها في قوام ذاته التي هي لدى العرف معروض النجاسة ولعل من هذا القبيل ما لو صارت الحشية المتنجسة فحما ان لا يبعد ان يدعى ان الفحم لدى العرف هو بعينه ذلك الجسم الملاقى للنجس وقد تغيرت صفته فيتجه حينئذ استصحاب نجاسته على تقدير الشك في بقائها وان أنكرنا ذلك لم يجر الاستصحاب وكذا لو شككنا فيه فان احراز الموضوع شرط في جريان الاستصحاب واستصحاب بقاء الموضوع لا يجدي في اثبات نجاسة الفحم كما تقرر في محله وبهذا ظهر لك وجه اختلاف الأصحاب في حكم الفحم ولكن مقتضى ما ذكره شيخنا المرتضى ره من أن معروض النجاسة هو الجسم من حيث كونه جسما وما ذكره الفقهاء رضوان الله عليهم ان كل جسم لاقى نجسا ينجس كلى انتزاعي من العناوين الخاصة عدم جريان الاستصحاب في الفرض وان صدق عرفا كونه بعينه هو ذلك الجسم فان وصف الخشبية التي هي من العناوين الخاصة زال قطعا فلا مجال للاستصحاب لكن هذا إذا بنينا على مراجعة الأدلة الشرعية في تشخيص الموضوع والا فلا يترتب على دعوى كون العموم كليا انتزاعيا فائدة بناء على ما هو التحقيق ومرضى الشيخ (ره) من الرجوع إلى العرف فان الموضوع لدى العرف ليس الا جسم الملاقى فالثوب الملاقى للنجس ما دام بقاء جسمه الذي هو القطن الخاص لو شك في بقاء نجاسته تستصحب نجاسته وكذا السرير وغيره من الأشياء المتخذة من الخشب ما دام بقاء جسمها وهو الخشب بل لا يشك أحد من المتشرعة في بقاء النجاسة في مثل هذه الأشياء بزوال العناوين الخاصة المعلق عليها الحكم في الأدلة السمعية ما دام جسم الملاقى بعينه باقيا فالشك في بقاء النجاسة عند احتراق الثوب والسرير ونحوهما وصيرورتهما رمادا أو دخانا انما هو لحصول الاستحالة وتبدل ذلك الجسم الملاقى بجسم اخر والا فلو بقي ذلك الجسم بعينه بعد ارتفاع عنوانه الخاص لا يشك أحد في بقاء حكمه فضلا عن أن يشك في استصحابه وملخص الكلام انه مهما اثرت الاستحالة في تبدل الجسم بجسم اخر بحيث عد بنظر العرف شيئا مغايرا للأول لا يجوز استصحاب شئ من احكامه السابقة من غير فرق بين النجس والمتنجس ولابين موضوعات سائر الأحكام الشرعية من الحلية والحرمة وإباحة التصرف ونحوها ولا يكفي في بقاء الموضوع شهادة العرف ببقاء جسمية الشئ المستحيل في ضمن الفرد المستحال إليه فان العرف ربما يحكم ببقاء الجسمية المطلقة التي كانت بصورة العذرة أو الخشبة بعد صيرورتهما رمادا لكن لا يساعد على اطلاق ان هذا الجسم بعينه كان كذا وهذا هو المناط في جريان الاستصحاب لا الأول كما لا يخفى على المتأمل في دليله * (نعم) * ربما يتخيل الفرق في بعض الموارد بين النجاسات العينية والمتنجسات نظرا إلى مساعدة العرف على اخذ الوصف العنواني المأخوذ موضوعا في الأدلة الشرعية من مقومات الموضوع في النجاسات العينية دون المتنجسات كما إذا حكم الشارع بنجاسة الخمر فإنه يرى أهل العرف ان لطبيعتها الخمرية دخلا لنجاستها العينية فعند انقلابها خلا يتبدل موضوعها وهذا بخلاف ما لو عرضها نجاسة خارجية بان لاقت نجسا قبل صيرورتها خمرا أو بعد فان موضوع هذه النجاسة العارضة بنظر العرف هو حسبها الباقي بعد الانقلاب هذا ولكن للنظر في هذه التفرقة مجال نظرا إلى أن طهارة الخل المستحال إليه الخمر انما ثبت بالأدلة الاجتهادية والا فلو لم يكن الحكم الشرعي الواصل الينا الا نجاسة الخمر أو مطلق العصير عند غليانه واشتداده لاشكل الحكم بطهارتهما عند انقلابهما خلا أو دبسا إذ الظاهر أن معروض النجاسة في النجاسات العينية أيضا كالمتنجسات على ما هو المغروس في الأذهان ليس الا الجسم الخارجي الصادق عليه عنوان النجس فما دام ذلك الجسم باقيا بعينه يحكم بنجاسته وان تغير بعض أوصافه الموجبة لصدق العنوان ولذا لا يتوهم أحد طهارة اجزاء الكلب أو الخنزير كشعره وعظمه بعد الانفصال مع أنه لا يصدق عليها بعد الانفصال اسم الكلب أو الخنزير * (وكيف كان) * فمتى * (استحيل الجسم إلى جسم بحيث) * صار لدى العرف شيئا آخر مغايرا للأول لا يجوز استصحاب شئ من احكامه السابقة وهذا مما لا ينبغي الارتياب فيه واما ان معروض الحكم في النجاسات العينية أيضا كالمتنجسات هو جسمها من حيث هو أو ان لوصفها العنواني دخلا في قوام موضوعية الموضوع فهو مما لا يهمنا تحقيقه والمرجع فيه العرف ومع الشك يمتنع جريان الاستصحاب فيه كما تقدمت الإشارة إليه * (الثالث) * الطين النجس إذا طبخ بالنار حتى صار خزفا أو اجرا فقد حكى عن الشيخ في الخلاف والعلامة في النهاية والمحقق الشيخ حسن في المعالم القول بطهارته وجزم جمع من المتأخرين على ما حكى عنهم بالعدم وعن المصنف في المعتبر والعلامة في موضع اخر من المنتهى وصاحب المدارك التوقف فيه واستدل الشيخ للطهارة في محكى خلافه بالاجماع وصحيحة الحسن بن محبوب المتقدمة وعن صاحب المعالم الاستدلال عليه (عليها) بأصالة الطهارة بعد منعه قيام الدليل على بقاء حكم النجاسة بعد زوال عينها نظرا إلى أن عمدة المستند فيه الاجماع وهو مفقود في المقام والاستصحاب لا يجرى في مثل المقام مما كان مدركه الاجماع واما توقف صاحب المدارك وغيره فمنشأه الشك في تحقق الاستحالة الموجبة لارتفاع الحكم ولا يخفى عليك مساعدة العرف على بقاء الموضوع في مثل هذه الموارد فالأقوى هو القول ببقاء النجاسة للاستصحاب وما عن صاحب المعالم من منع
(٦٣٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 629 630 631 632 633 634 635 636 637 638 639 ... » »»