ما هو المختار من حجية الموثق لذاته نعم قد اعرض عنهما بعض من تأخر عن المصنف كصاحب المدارك ومن حذا حذوه ممن دأبه رد الروايات التي لم توصف بالصحة المصطلحة وضعفه لدينا ظاهر فلا يحل لنا طرح مثل هاتين الروايتين المشهورتين اللتين تلقاهما الأصحاب بالقبول الا بمعارض مكافئ كما صنعه في الحدائق حيث اعترف باعتبار الروايتين وطعن على المصنف في تضعيفهما بما عرفت لكنه مع ذلك مال إلى ما قال به في المعتبر لزعمه دلالة هذه الروايات على طهارة أهل الكتاب ومعارضتها بما دل على نجاستهم وأرجحية المعارض وفيه بعد الغض عما سيأتي في محله من التأمل في الترجيح لو لم يتحقق الاجماع على النجاسة انه لا منافاة بين صحة الغسل ونجاسة الكتابي لا ترى ان المشهور قائلون بالصحة مع التزامهم بنجاسة الكفار [مط] فمقتضاه اما العفو عن هذه النجاسة الحاصلة من مباشرة الكافر وعدم مانعيتها من رفع الحدث وان تنجس الماء وبدن الميت لكنه عفى عنه لمكان الضرورة واما عدم انفعال الماء المستعمل في الغسل ولا بدن الميت من مباشرته وليس في العقل ما يستحيل شيئا من الامرين ولا في الشرع ما ينافيه الا العمومات التي يجب تخصيصها بالدليل المعتبر وتوهم اشتراط كونه بالماء الكثير أو على وجه لا يلاقيه الكافر برطوبة مسرية كي لا يستلزم تخصيص شئ من القواعد مدفوع بالقطع بعدم ارادته من النصوص والفتاوى فليس المتبادر منها الا إرادة الغسل بالكيفية المتعارفة وكيف كان فلا وجه لجعل الأخبار الدالة على نجاسة أهل الكتاب من معارضات هذه الروايات لامكان الالتزام بمفاد الكل كما عليه المشهور * (واما) * الاستشكال في الحكم بافتقار غسل الميت إلى النية وهى لا تصح من الكافر فلا يصح غسله ففيه مضافا إلى كونه اجتهادا في مقابلة النص ان الأظهر عدم توقف صحة الغسل الا على قصد حصول عنوانه مميزا عما يشاركه في الجنس أي قصد ايجاد تلك المهية المعهودة المأمور بها في شريعة سيد المرسلين (ص) واما اعتبار امر اخر وراء ذلك أي كون العمل مخلصا لله [تع] فلم يدل عليه دليل بالنسبة إلى غسل الميت فهو منفى بالأصل الذي تقدم تحقيقه في نية الوضوء ولذا يقوى الصحة فيما إذا لم يكن الباعث على الغسل الا قصد اخذ الأجرة فيأتي بتلك الطبيعة المعهودة الواجبة في الشريعة لأجلها لا للتقرب بها إلى الله تعالى كما أنه كثيرا ما يتفق في مثل هذه الاعصار التي تعارف فيها بذل الأجرة عليه فعلى هذا لا مانع من حصوله من الكافر من هذه الجهة فإنه ينوى بفعله ايجاد الطبيعة المأمور بها في شرعنا وان لم يعتقد حقيته خصوصا بعد مساعدة الدليل وما يقال في دفع هذا الاشكال من أن المتولي للنية هو المسلم الذي يأمر الكافر بالفعل فالغسل الذي هو من العبادات انما هو من فعل الامر لكن بالتسبيب لا المباشرة مدفوع باشتراط صحة الغسل بان يكون منويا للفاعل لا الامر والا للزم عدم الاخلال بقصد الخلاف من المباشر كقصد إزالة الوسخ وهو واضح الفساد مضافا إلى مخالفته الظاهر النصوص والفتاوى من استناده إلى الفاعل لا الامر بل اشعارها أو دلالتها على عدم اشتراطه بصدوره بأمر من المسلمين وان أمكن ان يقال إن الشرط على تقدير شرطيته حاصل غالبا فلا حاجة إلى بيانه فلم يبق للكلام ظهور في نفى اعتباره الا من حيث ظهوره في كون ما يوجده الكافر بنفسه غسلا فوجب ان لا يكون نية المسلم من مقومات مهيته كما يزعمه الموجه نعم ربما يستشعر ذلك في بادي الرأي من التقييد الواقع في بعض الفتاوى كمعقدا اجماع التذكرة من اشتراط حضور الأجانب من المسلمين والمسلمات فيأمرون الكافر بالاغتسال أولا ثم يعلموه كيفية غسل المسلمين فيغسل لكن التأمل فيه يعطى ظهوره في خلافه وكونه جاريا مجرى العادة وعلى تقدير الاشتراط فهو شرط خارجي تعبدي منشأه الاقتصار على مورد النص لا توقف مهية الغسل الصادر من الكافر عليه من حيث صدوره بأمرهم وكونهم هم الفاعل بالتسبيب وكون الكافر بمنزلة الآلة وكيف كان فالأظهر عدم اشتراط هذا الشرط أيضا للأصل وليس حضور الأجانب في مورد الرواية الا كساير الخصوصيات مما لا مدخلية له في الحكم الذي بينه الإمام (ع) بقوله ليغتسل النصارى ثم يغتسلونه فالأقوى انه لو غسله النصراني ابتداء لا بأمر من المسلمين بل ولا حضورهم أجزاه لكن ينبغي تقييد اطلاق المتن وغيره بما في معقد اجماع التذكرة كما نطق به موثقة عمار والفقه الرضوي من أن يغتسل الكافر أولا ثم يغسله ولعل الحكمة فيه زوال النجاسة العرضية التي لم يتحقق الاضطرار بالنسبة إليها كما أنه ينبغي تخصيص الكافر بالكتابي ما عن بعضهم التصريح بذلك لاختصاص النص به بل اشعار خبر زيد لو لم نقل بدلالته عليه * (و) * دعوى عدم الفرق بين انحاء الكفر لان الكفر ملة واحدة يشترك أهلها في انفعال الماء بملاقاته وحصول الغرض بفعله فلا يتعقل الفرق بين اقسامه لا بنية عليها خصوصا على القول بطهارة الكتابي دون غيره ولا أقل من احتمالها ولو بعيدا وهو مانع من القطع بعدم الفرق * (بل) * كيف يمكن دعواه ولو على تقدير العلم بنجاسة الكل فان الكتابي أقرب إلى الحق من غير قطعا فلعل فيه مدخلية في جواز مس ميت المسلمين وتغسيله والله العالم ثم إن ظاهر النصوص والفتاوى بل صريحها هو ان الكافر عند فقد المسلم المماثل والمحرم يأتي بغسل الميت أي الطبيعة التي كان يأتي بها المماثل والمحرم عند وجودهما لا مهية أخرى مشابهة للغسل صورة أوجبها الشارع تعبدا عند تعذر الغسل فلا يفهم من النص والفتاوى بالنسبة إلى هذا الفرع الا ما يفهم منها بالنسبة إلى ساير الفروع كتغسيل الزوجة زوجها والرجل محارمه وهكذا فدعوى كون الغسل صوريا في هذا الفرع ممالا ينبغي الالتفات
(٣٦٠)