بمقتضى التعليل الواقع فيها انما هو جواز تغسيل الزوجة زوجها مطلقا وكذا عكسه مقيدا في صورة العكس بكونه من وراء الثوب ومقتضى سياق الصحيحة والمناسبة الظاهرة بين العلة والمعلول كون التعليل الواقع فيها من انقضاء عدتها تعليلا المنع النظر لا لكون الغسل من وراء الثوب حتى يكون ذلك شرطا تعبديا في الغسل يجب رعايته وان لم يكن الغاسل بصيرا فالامر يغسله إياها من وراء الثوب على الظاهر ليس الا لكون غسلها مجردة ملزوما للنظر إلى شئ منها وعلى تقدير كونه شرطا تعبديا فإنما هو شرط لكمال الغسل لا لصحته الصراحة صحيحة منصور بن حازم المتقدمة في عدم اشتراطه بذلك بل يكفي فيه ان يلقى على عورتها خرقة بل وكذا صحيحة ابن سنان كالصريحة في ذلك كما انها صريحة في جواز ان ينظر الرجل إلى امرأته حين تموت ولذا يتعين حمل النهى عن النظر إلى شعرها والى شئ منها على الكراهة وهى وان كانت مخالفة لما يقتضيه التعليل بظاهره حيث إن المتبادر منه ليس الا إرادة صيرورة الزوج بموت الزوجة أجنبيا فيحرم النظر إليها لكن يجب تأويل هذا الظاهر أورد علمه إلى أهله لدلالة الأخبار المستفيضة بل المتواترة على عدم انقطاع العلاقة بالمرة وقد سمعت التصريح بجواز النظر إليها في صحيحة ابن سنان وكذا صرح بذلك فيما رواه محمد بن مسلم قال سئلت أبا جعفر (ع) عن امرأة توفيت أيصلح لزوجها ان ينظر إلى وجهها ورأسها قال (ع) نعم بل قد يفهم عدم انقطاع العلقة بالمرة من نفس هذه الصحيحة حيث أجاز تغسيلها من وراء الثوب مع أنه لا يجوز ذلك للأجنبي كما ستعرف فالمراد من التعليل بانقضاء عدتها على الظاهر بيان عدم بقاء العلقة على ما هي عليها كما في صورة العكس ولذا نهى عن أن ينظر إليها نهيا تنزيهيا لا تحريما كما يشهد لذلك مضافا إلى ما عرفت رواية داود بن سرحان حيث يظهر منها ان منشأ الامر بتغسيلها من فوق الدرع كراهة النظر إليها لصيرورة المرأة حين تموت أسوء منظرا من الرجل بل ربما يتأمل في كراهته شرعا لجواز ان يكون حكمة الامر بغسلها من فوق الدرع والنهى عن النظر إليها رعاية لحال أهل المرأة حيث يكرهون ان ينظر زوجها إلى شئ يكرهونه كما صرح بذلك في صحيحة ابن سنان بعد ان نفى البأس عن تغسيلها والنظر إليها لكن يدفعه عدم التنافي بينه وبين كراهته شرعا ونفى البأس عنه صريح في نفى الحرمة لا نفى الكراهة وظهوره في ذلك ليس على وجه يصلح لصرف الأخبار المستفيضة الامرة بغسلها من وراء الثوب الناهي بعضها عن النظر إليها بل في بعضها النهى عن تغسيلها مع ما فيها من التعليل بانقضاء عدتها فالأظهر استحباب تغسيلها من وراء الثوب و كراهة النظر إلى شئ منها وتغسيلها مجردة عن الثياب بل لا يبعد كراهة مباشرة تغسيلها مطلقا الا في حال الضرورة فاتضح لك من جميع ما ذكرنا ضعف القول بحرمة تغسيلها مجردة ووجوب كونه من وراء الثوب كما عن الشيخ في الاستبصار استنادا إلى ظاهر الأوامر الواردة في الأخبار المتقدمة التي يجب صرفها عن ظاهرها بقرينة غيرها مما هو نص في الجواز واضعف منه تعميمه في صورة العكس أيضا كما عن غير واحد بل في المسالك والمشهور ان يغسل كل واحد من الزوجين صاحبه من وراء الثياب وعن ظاهر المختلف نسبته إلى أكثر علمائنا إذ لا شاهد له يعتد به في صورة العكس كما صرح به غير واحد بل بعضه الأخبار المتقدمة التصريح بالفرق بين الصورتين نعم لو قيل بوجوب ستر العورة وحرمة نظر كل منهما إلى عورة صاحبه بعد موته لم يكن تعبدا للامر بسترها والنهى عن النظر إليها بالخصوص في جملة من الاخبار التي تقدم بعضها ولا يعارضها سوى الأصل واطلاق صحيحة ابن سنان لكنه مع ذلك لا يخلو عن تأمل والله العالم * (وقد) * ظهر أيضا ضعف ما قيل كما عن الشيخ في التهذيبين و ابن زهرة في الغنية والحلبي في إشارة السبق من اختصاص الحكم اعني جواز تغسيل كل من الزوجين صاحبه بحال الاضطرار استنادا إلى بعض الأخبار المتقدمة التي لا يفهم منها الا جوازه في حال الضرورة كما نبهنا عليه في ما تقدم لكنك خبير بعدم اقتضائها لتقييد المطلقات التي كاد ان يكون بعضها صريحا في الاطلاق كصحيحة ابن سنان وحسنة محمد بن مسلم * (وربما) * يستدل لهذا القول برواية أبى حمزة عن الباقر عليه السلام قال لا يغسل الرجل المرأة الا ان لا توجد امرأة * (وفيه) * بعد تسليم سندها لابد من تخصيصهما بما عدا الزوجة بالاخبار المتقدمة فان تخصيص هذه الرواية أهون من تقييد تلك المطلقات التي ربما يدعى صراحة بعضها في الجواز حال الاختيار ولا يبعد ان يكون حكمة اطلاق النهى في هذه الرواية كراهة تغسيلها اختيارا فيكون المراد بالنهي ما يعم الكراهة * (و) * استدل له أيضا برواية أبي بصير عن أبي عبد الله (ع) يغسل الزوج امرأته في السفر والمرأة زوجها في السفر إذا لم يكن معهم رجل * (وفيه) * ان هذه الرواية مع ما فيها من قصور السند وضعف الدلالة لا تصلح لاثبات أزيد من الكراهة في مقابل الأدلة المتقدمة واستدل له أيضا بما في غير واحد من الاخبار من تعليل تغسيل أمير المؤمنين عليه السلام فاطمة سلام الله عليها بكونها صديقة لا يغسلها الا صديق * (وفيه) * مالا يخفى فان أمير المؤمنين (ع) لم يكن يغسل كل من يموت من أهله وأقاربه مماثلا كان أو غير مماثل وانما كان يغسل مثل رسول الله صلى الله عليه وآله وفاطمة (ع) ممن لا ينبغي ان يمسه الا المطهرون فكان اختياره لتغسيلها لنكتة بينها الإمام (ع) فلا يفهم من مثل هذه الروايات كراهته أيضا فضلا عن المنع نعم ربما يستشعر من خبر مفضل بن عمر كونه خلاف المتعارف بحيث لم يكن يرتكبه أحد الا لضرورة ولذا ضاق صدر السائل حين سمعه من الإمام (ع) قال قلت لأبي عبد الله (ع) من غسل فاطمة (ع) قال ذاك أمير المؤمنين (ع) فكأنما استضقت ذلك من قوله فقال لي كأنك ضقت مما أخبرتك به فقلت قد كان ذلك جعلت فداك فقال لا
(٣٥٦)